image

بنيامين نتنياهو وفيديريكا موغيريني يلتقيان في بروكسل (أرشيفية)

في ظل هدوء طبول الحرب بين إسرائيل وإيران، التي احتاجت خلالها إسرائيل إلى دعم الولايات المتحدة لحمايتها، يتزايد التساؤل حول ما إذا كانت دولة الكيان المحتل قد أصبحت عبئاً على الولايات المتحدة وحلفائها، خصوصاً في أوروبا، بعد انتهاء سنوات الحرب الباردة.

وهل حان الوقت لتغير الغرب تحالفاته مع تل أبيب، التي لطالما اعتُبرت “شرطي المنطقة” و”حارس المصالح الاقتصادية والاستراتيجية” في منطقة غنية بالثروات الهيدروكربونية وبممرات مائية حيوية للتجارة العالمية بين الشرق والغرب؟

واقع جديد في العلاقات الدولية

تشير المصادر التي اطلع عليها “اليوم ميديا” إلى أن الحرب الإسرائيلية على إيران كشفت عن واقع جديد. إذ أثبتت طهران قوتها الإقليمية وقدرتها على الصمود في مواجهة الهجمات الإسرائيلية الأميركية، وسط تضارب المصالح بين واشنطن وبروكسل. كما أن الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة الطاقة في أوروبا وابتزاز ترامب للقارة، كلها عوامل دفعت أوروبا نحو إعادة النظر في مصالحها، ما قد يؤدي إلى تقارب متزايد مع إيران الغنية بالغاز والنفط، على حساب التحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، تشهد أوروبا تغيرات سياسية داخلية، حيث بدأت الأحزاب التقليدية تفقد سيطرتها، وبدأ جيل جديد من السياسيين المناصرين للقضية الفلسطينية يفرض وجوده في عواصم غربية كبرى، في ظل تزايد التأييد الشعبي لحركة مقاطعة إسرائيل ودعم حقوق الفلسطينيين.

الدعم الأميركي لإسرائيل: عبء مالي متزايد

منذ تأسيسها، تلقت إسرائيل نحو 310 مليارات دولار كمساعدات اقتصادية وعسكرية من الولايات المتحدة، وفق بيانات مجلس العلاقات الخارجية الأميركي. وفي الحرب الأخيرة مع إيران، قدمت واشنطن مليارات الدولارات في شكل أسلحة، بالإضافة إلى استعدادها لتمويل إعادة بناء ما دمرته الحرب. هذا الدعم المالي الضخم يضيف عبئًا كبيرًا على الحكومات الغربية، خصوصًا في ظل الاحتجاجات الشعبية المتزايدة ضد السياسات الإسرائيلية.

الدعم الغربي لحرب غزة: التورط العسكري والسياسي

تواصل الدول الغربية دعم إسرائيل عسكرياً وسياسياً في عدوانها على غزة، من خلال تزويدها بالأسلحة للمضي في ما يُوصف بـ”حرب إبادة” ضد الشعب الفلسطيني. وهذا الدعم يضع هذه الدول في موقف تورط مباشر في الصراع، رغم معارضة شعوب كبيرة لهذه السياسات.

أربعة أسباب وراء الدعم الغربي لإسرائيل

يُرجع المحللون دعم النخب الغربية لإسرائيل إلى أربعة أسباب رئيسية:

  1. المصالح الاقتصادية والجيوسياسية: إسرائيل تمثل مشروع استعمار استيطاني يحقق هيمنة على موارد المنطقة الاستراتيجية.
  2. الموقع الجغرافي الحيوي: الشرق الأوسط يحتضن ممرات مائية حيوية مثل قناة السويس، مضيق باب المندب، وخليج هرمز، التي تمثل شرايين التجارة العالمية والطاقة.
  3. النفط والغاز: الهيمنة على إمدادات الطاقة العالمية تمثل حجر الزاوية في السياسة الغربية، ويعد الحفاظ على استقرار أسعار النفط هدفًا استراتيجيًا.
  4. البترودولار والنظام المالي العالمي: الولايات المتحدة تسيطر على النظام المالي العالمي عبر البترودولار، حيث يربط الدولار بأسواق النفط، مما يعزز النفوذ الأمريكي.

الموقع الجغرافي وممرات التجارة الحيوية

بحسب الاقتصادي مايكل هيدسون، قناة السويس تربط بين غرب آسيا وأوروبا، وتمر عبرها 30% من حاويات الشحن العالمية، كما تعد مضيق باب المندب وخليج هرمز نقاطًا استراتيجية حاسمة لنقل ملايين البراميل النفطية يوميًا، وهو ما يجعل المنطقة محور اهتمام القوى العالمية.

النفوذ النفطي العالمي

مع تراجع هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أصبحت إسرائيل ذات أهمية متزايدة لضمان استمرار النفوذ الغربي على أسعار النفط، خاصة في ظل التحالفات المتغيرة داخل أوبك+، وتحول السعودية نحو سياسة عدم انحياز نسبي، وازدياد دور الصين كلاعب رئيسي في المنطقة.

النظام المالي العالمي والبترودولار

يلعب نظام البترودولار دوراً أساسياً في دعم الدولار الأمريكي من خلال ربطه بسوق النفط، حيث تعتمد الدول المصدرة للنفط على استقرار الدولار وشراء السندات الأمريكية، مما يضمن تمويل العجز التجاري الأمريكي وتعزيز الاقتصاد الغربي.

هروب الاستثمارات إلى الغرب

يسهم عدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية في توجيه فوائض أموال الطاقة إلى الأسواق المالية الغربية، حيث تبلغ أصول صناديق الثروة السيادية المرتبطة بالنفط تريليونات الدولارات، مما يعزز اقتصادات النخب الغربية على حساب تخلف المنطقة.

خاتمة

في ضوء هذه المعطيات، يطرح السؤال الأساسي: هل باتت إسرائيل عبئاً على أوروبا، سواء ماليًا أو سياسياً، بعد أن تغيرت خريطة المصالح الدولية وانكشفت تناقضات الدعم الغربي لها؟ وهل ستشهد السنوات القادمة تحولات حقيقية في التحالفات، خصوصاً بين أوروبا وإيران، لمواجهة هذه التحديات الجديدة؟

وحدة التحليلات – لندن – اليوم ميديا