image

الإسكندرية تشهد ظواهر مناخية متطرفة

أحمد القاضي (لندن)

تتصاعد المخاوف حول مستقبل مدينة الإسكندرية المصرية، المدينة الساحلية العريقة، بعد تعرضها لعاصفة رعدية عنيفة مصحوبة بتساقط كثيف للثلوج والأمطار ورياح شديدة، في ظاهرة جوية غير مسبوقة. هذه الأحداث الطارئة أكدت على الأثر المباشر للتغير المناخي الذي يضرب المنطقة، مع توقعات بارتفاع منسوب البحر بشكل يهدد حياة السكان ومستقبل المدينة.

أكد محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ في مصر، أن ما شهدته الإسكندرية هو نموذج لظواهر مناخية متطرفة تتصاعد بفعل الاحترار العالمي، حيث تحولت الأمطار الخفيفة فجأة إلى عاصفة عنيفة غير متوقعة. وهذا مؤشر خطير على التغيرات المتسارعة في نمط الطقس التي تؤثر على المدن الساحلية.

دراسات حديثة، منها تقرير نشره موقع “ديلي ميل” بمشاركة باحثين من جامعات مصرية وألمانية، سلطت الضوء على تدهور البنية التحتية في الإسكندرية بسبب التغير المناخي، حيث ارتفع معدل انهيار المباني من مبنى واحد سنويًا إلى 40 مبنى في السنوات الأخيرة فقط. يُعزى ذلك إلى تسلل المياه المالحة إلى أساسات المباني، ما يهدد أكثر من 7000 مبنى بالانهيار، حتى في مناطق تبعد أكثر من كيلومترين عن الساحل.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات العلمية التي أصدرتها جامعة نانيانغ في سنغافورة إلى أن مستوى سطح البحر قد يرتفع إلى 1.9 متر بحلول عام 2100 في حال استمرار معدلات انبعاثات الكربون الحالية. هذا الارتفاع يعزز من احتمالية تراجع خط الساحل عشرات الأمتار كما تشير صور الأقمار الصناعية والخرائط التاريخية منذ القرن التاسع عشر، مما يجعل الإسكندرية واحدة من أبرز المدن المهددة بالفيضانات والغرق.

خبراء التغير المناخي يحذرون من أن الوقت يمضي سريعًا دون وجود خطط طموحة لمواجهة الأزمة. تقترح الدراسات اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل بناء حواجز رملية واقية، ورفع مستوى المباني، أو حتى نقل السكان من المناطق الأكثر عرضة لخطر الغرق. يؤكد الباحثون أن إنقاذ الإسكندرية ليس مجرد مشروع هندسي أو إنشائي، بل هو مسؤولية إنسانية وثقافية تحتم حماية مدينة تحمل تراثًا تاريخيًا يمتد لأكثر من 2300 عام، تأسست على يد الإسكندر الأكبر، وتضم آثارًا تعكس حضارات متعددة عبر التاريخ.

تأتي هذه التحديات لتضع الإسكندرية أمام اختبار حقيقي لمستقبلها، وتجعل من مواجهة التغير المناخي أولوية وطنية ودولية. إذ أن حماية هذه المدينة الساحلية الحيوية ليست فقط للحفاظ على السكان والمباني، بل أيضاً لحفظ ذاكرة حضارة غنية تشكل جزءًا من التراث الإنساني العالمي.