
ساحة هارفارد
محمد الربيع – (واشنطن)
لا يتوقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إشعال المعارك في كل الجبهات، وآخر فصول هذه المواجهات اندلع داخل واحدة من أعرق جامعات العالم: هارفارد. هذه المؤسسة التي تُعد رمزًا للتعليم العالي الأميركي تواجه الآن حملة تصعيد غير مسبوقة من البيت الأبيض بقيادة ترامب، الذي قرر “تأديب” الجامعة التي ترفض الخضوع لسياساته.
بداية الاشتعال
تفجرت الأزمة بعد أن رفضت هارفارد تعديلات جذرية اقترحتها إدارة ترامب على سياسات التوظيف والتعليم والتسجيل، ووصفتها بأنها “اعتداء على الحرية الأكاديمية”. وسرعان ما لجأت الجامعة إلى القضاء، الذي منحها دعمًا مؤقتًا ضد قرار يمنعها من استقبال الطلاب الأجانب، في خطوة وصفتها بأنها “انتهاك للدستور الأميركي”.
إجراءات انتقامية
ردّ ترامب كان سريعًا، إذ أعلن سحب 3 مليارات دولار من المنح الاتحادية التي تموّل الأبحاث في هارفارد، متهمًا الجامعة بأنها “وكر للديمقراطيين واليساريين المتطرفين”، على حد وصفه. كما أوقفت وزارة الأمن الداخلي برنامج الجامعة للطلاب الأجانب، متهمة إياها بالتنسيق مع جهات معادية للولايات المتحدة، بينها الحزب الشيوعي الصيني.
الطلاب الأجانب في مرمى النيران
جامعة هارفارد تحتضن أكثر من 6700 طالب دولي، يمثلون نحو 27% من إجمالي الطلاب. ومع تصاعد الأزمة، أصبح آلاف الطلاب مهددين بفقدان إقامتهم القانونية أو الاضطرار لمغادرة البلاد، وسط تحذيرات من أن وقف التعاون مع قاعدة بيانات الطلاب (SEVP) قد يؤدي إلى ترحيل جماعي.
تصعيد أخطر
ترامب طالب الجامعة بالكشف عن أسماء وجنسيات الطلاب الأجانب، مدعيًا أن دولهم “لا تدفع شيئًا لتعليمهم”، مطالبًا بتوقف الحكومة عن تمويل مؤسسة “لا تقدم شيئًا في المقابل”. كما أمر وزير الخارجية بتعليق منح تأشيرات الطلاب الجدد، وفرض رقابة مشددة على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.
القضاء على خط النار
هارفارد لا تقف وحيدة؛ ففريقها القانوني يضم أسماء بارزة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أبرزهم المحامي الجمهوري الشهير ويليام بورك، وهو ما قد يصعّب مهمة ترامب، خاصة وأن الجامعة تستند إلى الدستور الأميركي ومواثيق حرية التعليم.
من ينتصر: السياسة أم التعليم؟
تُعد جامعة هارفارد الأغنى في أميركا، بأصول تُقدّر بـ53.2 مليار دولار، وقد خرّجت 162 فائزًا بجائزة نوبل، مما يعكس ثقلها العالمي. ومع استمرار التصعيد، تتساءل الأوساط الأكاديمية: هل يستطيع ترامب فرض هيمنته على مؤسسة بحجم هارفارد؟ أم أن هذا الصراع سيكون بداية معركة مفتوحة بين البيت الأبيض والتعليم العالي الأميركي؟