
نعيم قاسم
ربيع يحيى – (لندن)
تسارع الولايات المتحدة الأميركية الخطى لدفع لبنان نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في وقت تطرح فيه مبادرات سياسية وأمنية تتعلق بإعادة ترتيب البيت الداخلي اللبناني، عبر نزع سلاح “حزب الله” وتفكيك المخيمات الفلسطينية، باعتبارها عقبات رئيسية في طريق “السلام الإقليمي”، كما تصفه واشنطن.
ورغم الرفض العلني لأي تسوية على حساب المقاومة، إلا أن المشهد السياسي في بيروت يشهد تحركات مريبة، تترافق مع تصاعد الحديث في الإعلام العبري عن مفاوضات مباشرة بين تل أبيب ودمشق، واحتمال توقيع اتفاق سلام “تاريخي” برعاية أميركية، يغير خريطة العلاقات في المنطقة.
بيروت بين سلاح “الحزب” والمخيمات
وفق صحيفة “معاريف” العبرية، فإن الولايات المتحدة “تشجع لبنان على التطبيع مع إسرائيل”، وتسعى لفكفكة أبرز عقدتين أمام هذا المسار: سلاح “حزب الله” والمخيمات الفلسطينية.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي يسعى لتوحيد السلاح تحت راية الجيش اللبناني، يفضل مقاربة الحوار لا المواجهة، تفاديًا لأي انفجار داخلي. بينما ترى إسرائيل أن تفكيك “حزب الله” لن يتم إلا بقرار إيراني مباشر، ضمن صفقة إقليمية كبرى.
خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها
في تصريحات واضحة، أكد نائب أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، أن نزع سلاح المقاومة غير مطروح ما لم تتحقق ثلاثة شروط غير قابلة للنقاش:
- انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
- وقف الغارات الإسرائيلية المستمرة.
- إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال.
وتعتبر هذه الشروط “خطوطًا حمراء” تمنع أي محاولة داخلية أو خارجية للمساس بقدرة الحزب الدفاعية، وفق تعبير الصحيفة.
تطبيع تحت الطاولة؟
المعطيات الإقليمية تشير إلى رغبة إسرائيلية في حل شامل يبدأ من دمشق ولا ينتهي في بيروت. فقد التقى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مؤخرًا مسؤولين لبنانيين داعمين لمسار التطبيع، فيما شهدت بيروت زيارة مفاجئة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، تطرقت إلى مستقبل السلاح داخل المخيمات الفلسطينية.
كما تستعد المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس لزيارة بيروت، حاملة معها مبادرة تعتبرها واشنطن “فرصة سلام إقليمي”، لا سيما بعد ما تصفه بـ”التجربة السورية الناجحة”.
إيران صاحبة القرار.. وواشنطن ضامنة
في ظل المعادلة المعقدة التي تحكم لبنان، تُجمع التقديرات على أن قرار نزع سلاح “حزب الله” لا يصدر من بيروت، بل من طهران، وأن أي خطوة من هذا النوع ستكون مرتبطة مباشرة بنتائج المفاوضات الأميركية-الإيرانية، المتوقع استئنافها في الشهور المقبلة.
وتؤكد مصادر سياسية عبرية أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على تقديم ضمانات موثوقة للحزب، مقابل التزام إسرائيلي بعدم التصعيد، وربما إعادة رسم خطوط التماس في جنوب لبنان.
ختام تحليلي
رغم ما يبدو من تعقيد، فإن بيروت باتت ميدانًا متقدّمًا لصراع الإرادات بين المحور الأميركي الإسرائيلي والمحور الإيراني. وفيما تسعى واشنطن لرسم خريطة جديدة للمنطقة تبدأ من دمشق، وتحاول اختراق بيروت، يبقى السؤال: هل تنجح الضغوط الناعمة في تفكيك سلاح المقاومة تحت شعار التهدئة؟