image

من أفغانستان (أرشيفية )

اليوم ميديا – (لندن)

وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، أطلقت موسكو تحذيرات لافتة بشأن تصاعد خطر الإرهاب على حدودها الجنوبية، متهمة الغرب بتأجيج الوضع الأمني عبر الضغط على روسيا وحلفائها في آسيا الوسطى.

“أفغانستان بُؤرة خطر”.. و15 ألف مقاتل متطرف

في مداخلة نارية خلال اجتماع وزراء دفاع منظمة معاهدة الأمن الجماعي في بشكيك، كشف وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف عن معلومات استخباراتية تؤكد وجود أكثر من 20 جماعة متطرفة داخل أفغانستان، تضم ما يزيد عن 15 ألف مقاتل، بعضهم من المقاتلين الأجانب الذين شاركوا في النزاعات الدامية في الشرق الأوسط.

هذه الجماعات، حسب بيلوسوف، تمثل التهديد الإرهابي الأكبر في المنطقة، في وقت لا تزال فيه الحدود الأفغانية مع دول الجوار، خصوصاً طاجيكستان، تشكل ثغرة أمنية خطرة، وسط مخاوف من تسلل المسلحين إلى آسيا الوسطى ومنها إلى عمق الأراضي الروسية.

موسكو: الغرب يضغط.. والإرهاب يتمدد

لم يكتف الوزير الروسي بتحذيراته الأمنية، بل وجّه اتهامات مباشرة للغرب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون لـ”إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا”، عبر دعم سياسات تهدف إلى زعزعة الاستقرار في مناطق نفوذ موسكو، والتأثير على وحدة وتماسك منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

وأشار إلى أن هذه الضغوط السياسية والعسكرية المتزايدة تترافق مع تمدد التهديدات الإرهابية، التي يعتبر مصدرها الأساسي الجنوب الأفغاني، حيث تعيد الجماعات المتطرفة بناء قواعدها، في غياب حكومة مركزية معترف بها دوليًا.

روسيا تعيد النظر في موقفها من طالبان

في تحوّل لافت، كانت المحكمة العليا الروسية قد وافقت في أبريل الماضي على تعليق تصنيف حركة طالبان كتنظيم إرهابي، ما اعتُبر مؤشراً على رغبة موسكو في فتح قنوات تواصل غير معلنة مع الحركة، في محاولة لضبط المشهد الأمني على حدودها، وتحييد الحركة عن الجماعات المتشددة العابرة للحدود.

خطط أمنية ومناورات على الحدود

استجابةً لهذه التهديدات، أطلقت المنظمة خططًا لتعزيز الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان على ثلاث مراحل، تبدأ عام 2026، وتتضمن نقل أسلحة وتجهيزات عسكرية، إلى جانب مناورات مشتركة تُجرى بشكل دوري في مناطق التماس.

ورغم أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي تضم دولاً مثل روسيا، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، وبيلاروسيا، إلا أن الانقسامات الداخلية بدأت بالظهور، مع إعلان أرمينيا تجميد مشاركتها في أنشطة المنظمة.

خلاصة المشهد

الرسائل الروسية الأخيرة تكشف عن قلق عميق من تحولات أمنية كبرى في أفغانستان، خاصة مع الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الأميركية، وغياب استراتيجية دولية واضحة لاحتواء الجماعات الإرهابية هناك.

وفي ظل تحولات جيوسياسية عالمية، يبدو أن روسيا تسعى لإعادة رسم معادلات النفوذ عبر الجنوب، حيث تلتقي الجماعات المتطرفة، والنفوذ الغربي، وصراعات المصالح في نقطة غليان واحدة: أفغانستان.