
من المؤتمر الصحفي الذي جمع بين سوبيانتو وماكرون
ربيع يحيى – (لندن)
في تحول لافت قد يغير خارطة العلاقات بين إسرائيل والعالم الإسلامي، أطلّ الرئيس الإندونيسي فرابوو سوبيانتو بتصريح أثار عاصفة من التفاعل في الإعلام العبري، مشيرًا إلى استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل بشرط واحد فقط: اعتراف الأخيرة بدولة فلسطينية مستقلة.
التصريح الذي جاء خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في جاكرتا، أعاد فتح باب النقاش حول احتمال انضمام أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان إلى قطار التطبيع، وهو ما تنظر إليه تل أبيب كضربة دبلوماسية كبرى.
الاتفاق على الطاولة.. ومجمد بفعل غزة
قناة “الأخبار 12” العبرية أكدت أن الاتفاق كان شبه جاهز قبل أشهر، وأنه تم إعداد تفاهمات تقضي بإقامة علاقات دبلوماسية، وتوقيع مذكرات اقتصادية، وتدشين خدمات قنصلية متبادلة. لكن كل ذلك تجمّد بفعل اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر، والتي أوقفت الاندفاعة نحو التوقيع.
تقرير سابق لموقع “Jewish Insider” أشار إلى أن إدارة بايدن كانت تعمل خلف الكواليس لدفع جاكرتا نحو التطبيع، فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن حاول منذ 2021 إدخال إندونيسيا في الاتفاقات الإبراهيمية.
من الاقتصاد إلى السيبرانية: وفد إسرائيلي في جاكرتا
ورغم عدم وجود علاقات رسمية، إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين تُقدّر بنحو نصف مليار دولار سنويًا، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”. كما كشفت الصحيفة أن وفدًا إسرائيليًا زار إندونيسيا سرًا في يوليو 2022، وضم رجال أعمال وخبراء في التكنولوجيا والاستثمار.
الوفد ناقش فرص التعاون في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، الصحة، التعليم، الأمن السيبراني، والتكنولوجيا المالية، ما يعكس وجود بنية شبه مكتملة لعلاقات دبلوماسية قابلة للانطلاق بمجرد زوال العقبات السياسية.
تطبيع على قاعدة “الدولة الفلسطينية أولاً”
تصريحات الرئيس الإندونيسي تشير إلى استراتيجية مشروطة لا ترفض التطبيع من حيث المبدأ، بل تربطه بملف مركزي: قيام دولة فلسطينية. وهو موقف يجمع بين الواقعية السياسية ومراعاة الموقف الشعبي الإندونيسي الذي يُعتبر من أكثر الشعوب الإسلامية دعمًا لفلسطين.
اللافت أن إندونيسيا كانت قد أبدت استعدادها في مارس 2024 لاستضافة فلسطينيين جرحى من غزة، في رسالة سياسية واضحة تفصل بين الجوانب الإنسانية والسياسية من جهة، وبين موقفها الثابت تجاه الاحتلال من جهة أخرى.
هل تشهد 2025 إعلانًا تاريخيًا؟
مع تسارع التطورات الجيوسياسية في شرق آسيا، وعودة الزخم الأميركي نحو تطويق النفوذ الصيني في المحيط الهادئ، يبدو أن التطبيع بين جاكرتا وتل أبيب لم يعد سيناريو مستحيلًا. وربما نشهد في الشهور القادمة إعادة إحياء الاتفاق المؤجل، إذا ما توفرت الظروف السياسية المناسبة في الجانبين.