
جانب من أحد المشاريع في إسرائيل
ربيع يحيى – (لندن)
تكشف هذه السطور عن واحدة من أخطر الفضائح التي تهدد سمعة وشرعية مؤسسات الدولة في إسرائيل: “المافيا الإسرائيلية” أصبحت شريكًا خفيًا في مناقصات حكومية حيوية، حيث تخترق العصابات الإجرامية منظومة الاقتصاد الرسمية، وتستحوذ على مشاريع بمليارات الشواكل، دون أن يرف جفن للسلطات… حتى وقت قريب.
من الإتاوات إلى الإمبراطوريات
تاريخ عصابات الجريمة المنظمة في إسرائيل بدأ من الشارع: الإتاوات على شركات البناء، المخدرات، الدعارة، سرقة السيارات. لكن هذه العصابات تطورت، وتحولت إلى “كارتلات” مقنّعة تتخذ شكل شركات مقاولات شرعية، تشارك وتفوز بمناقصات حكومية ضخمة، وتتغلغل في مشاريع البنية التحتية والتعليم والدفاع!
الفضيحة تنفجر
صحيفة غلوبس العبرية فجّرت القضية، مؤكدة أن تحقيقات رسمية كشفت تورط 7 شركات على الأقل، تابعة مباشرة لعصابات منظمة، في الفوز بمشاريع حكومية حساسة، وبعضها سيُسحب ترخيصه قريبًا. لكن الأخطر أن هذه الحالات مجرد “نقطة في بحر”، إذ تشير التقديرات إلى وجود مئات الشركات المشبوهة بين نحو 700 شركة تتعامل مع الحكومة.
القضاء يتدخل
قاضي المحكمة الإدارية في تل أبيب، كوبي فاردي، أصدر قرارًا نادرًا باستبعاد شركة مقاولات كبيرة من مشاريع الدولة بعد اكتشاف صلاتها بالمافيا، وسحب منها 15 مشروعًا حكوميًا بعد أن حصدت أكثر من 20 مليون شيكل.
الكارثة تلوح في الأفق
الجهات الأمنية باتت تمتلك معلومات استخبارية حساسة تُثبت تورط شركات كثيرة في أنشطة إجرامية. لكن استبعاد هذه الشركات يهدد بانهيار مشاريع حيوية قيد التنفيذ، ما بين تأجيل أو توقف أو ارتفاع تكلفة، لتدخل الحكومة في “ورطة” غير مسبوقة.
حتى وزارة الدفاع لم تسلم!
التحقيقات أظهرت أن إحدى الشركات الإجرامية قدمت عروضًا مغرية لوزارة الدفاع، ما كان سيمنحها عقودًا بمليارات الشواكل. لحسن الحظ، تدخلت الجهات الأمنية في اللحظة الأخيرة، وأوقفت تمرير المناقصة.
التوريد تحت المجهر
فضيحة المناقصات ترافقت مع مخاوف من أن تكون شركات التوريد أيضًا مخترقة، مما دفع وزارة المالية لإصدار مذكرة قانونية جديدة تُخول المحاسب العام صلاحيات استبعاد الشركات المشبوهة من عمليات التوريد الحكومي.
خلاصة: إسرائيل تواجه الآن أكبر اختبار لنزاهة نظامها الاقتصادي، وسط تساؤلات مخيفة: إلى أي مدى وصلت سيطرة المافيا على مقدرات الدولة؟ وهل فات الأوان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟