image

أسلحة نووية روسية - (أرشيفية)

تحليل – اليوم ميديا

في ظل الدخان المتصاعد من جبهات الحرب الروسية الأوكرانية، يتردد سؤال كوني كصدى مفزع في الأفق: هل تضغط موسكو على الزر النووي؟ فالحرب التي دخلت عامها الرابع لم تعد مجرد نزاع حدودي أو صراع على السيادة، بل تحوّلت إلى اختبار مرير للتوازنات الدولية، واحتمال لانفجار نووي وشيك.

الهجوم النوعي الذي شنّته أوكرانيا مؤخرًا بطائرات مسيّرة داخل العمق الروسي، وأسفر عن تدمير أكثر من أربعين طائرة عسكرية، شكّل ضربة موجعة لموسكو. لكن الرد الروسي لم يتأخر، فجاء على هيئة وابل من الطائرات المسيّرة، بلغ عددها 472، في رقم قياسي منذ اندلاع الحرب. وبين التصعيد والتصعيد المضاد، تتزايد رهانات الحرب وتُستنزف أوراق الدبلوماسية.

وفي قلب هذا المشهد المحتقن، يطفو التلويح الروسي بالسلاح النووي مجددًا، لا كتحذير فقط، بل كخيار مطروح على الطاولة. فتصريحات ديمتري ميدفيديف، أحد أكثر صقور الكرملين صراحة، عن احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، تعكس درجة التوتر في المؤسسة الحاكمة الروسية، لاسيما بعد المواقف الغربية الأخيرة.

فموافقة واشنطن على استخدام أوكرانيا لصواريخ بعيدة المدى لضرب أهداف في الداخل الروسي، وما تبعها من دعم ألماني لتطوير ترسانة كييف، دفع الكرملين لتحديث عقيدته النووية في نوفمبر 2024، واضعًا سيناريوهات مرنة لاستخدام السلاح النووي، تشمل حتى التهديدات التقليدية التي قد “تمس بقاء الدولة الروسية”.

لكن السؤال الحقيقي ليس فقط في القدرة، بل في الإرادة. فروسيا، التي تمتلك ترسانة نووية هي الأكبر في العالم (5580 رأسًا نوويًا)، تواجه خصمًا غير نووي، لكنها تعلم أن أي استخدام للسلاح النووي – ولو كان تكتيكيًا – سيفتح أبواب الجحيم، ويستدعي ردًا دوليًا لا يمكن التكهن بعواقبه.

تعليق موسكو على معاهدة “نيو ستارت” مع واشنطن في 2023، ألغى آخر مظلة قانونية تنظم التسلح النووي بين القوتين الأعظم. وفي غياب الثقة والمراقبة، يصبح السلاح النووي أكثر من مجرد رادع؛ يصبح احتمالًا.

في ميزان التسلح، لا تزال روسيا تحتفظ بالغلبة الكمية، لكن الغلبة الأخلاقية والردعية صارت ضبابية. فالعالم اليوم لا يخاف من قوة روسيا النووية بقدر ما يخشى اندفاعها نحو الهاوية في لحظة انفعال أو حصار استراتيجي.

ختامًا، يبقى السؤال معلقًا: هل تضغط روسيا على الزر النووي في لحظة يأس استراتيجي، أم تبقيه ورقة ابتزاز سياسي في رقعة شطرنج دولية متشابكة؟

العالم يترقب، والاحتمالات تتأرجح بين الردع والانفجار.