
بنيامين نتنياهو
اليوم ميديا – ترجمة خاصة
تشهد العلاقة بين إسرائيل وأقرب حلفائها في أوروبا تحولًا جذريًا، وسط تصاعد الغضب من استمرار الحرب في غزة، التي دخلت شهرها العشرين، تاركة وراءها دمارًا واسعًا ومأساة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ اليوم الثلاثاء.
وبات بعض من أكثر مؤيدي إسرائيل ولاءً في القارة العجوز، وعلى رأسهم ألمانيا، يتحدثون علنًا عن إمكانية فرض عقوبات تجارية وقيود على صادرات الأسلحة، في موقف غير مسبوق يهدد بإعادة تشكيل السياسة الأوروبية تجاه تل أبيب.
ألمانيا.. التحول الصادم
يعد التحول الألماني الأبرز والأكثر رمزية، نظراً لموقفها التقليدي الذي يعتبر أمن إسرائيل التزامًا تاريخيًا بعد الهولوكوست. لكن، بحسب بلومبيرغ، فإن تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح منتصف مايو واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، دفع الحكومة الألمانية إلى إعادة النظر في موقفها.
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرز إن “الوضع الإنساني في غزة لم يعد يمكن تبريره بمحاربة حماس”، في أول تصريح مباشر منذ بداية الحرب.
استطلاع رأي أجرته مؤسسة Civey لصالح صحيفة تاجسبيجل أظهر أن أكثر من نصف الألمان يعتقدون أن تصدير الأسلحة لإسرائيل كان خطأ، ما يعكس تغير المزاج العام بشكل لافت.
بريطانيا وفرنسا وهولندا.. من الدعم إلى الضغوط
في تطور لافت، بدأت دول أوروبية كالمملكة المتحدة وفرنسا وهولندا بمراجعة علاقاتها مع إسرائيل، وتفكر جديًا في تجميد اتفاقيات تجارية، بل وفرض عقوبات على شخصيات ومؤسسات إسرائيلية متورطة في العنف ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وفي بريطانيا، أعلنت الحكومة نيتها تعليق محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل، وهي خطوة تعكس حجم التوتر الجديد في العلاقة بين الطرفين.
الشارع الأوروبي يتحرك
التصعيد السياسي جاء نتيجة مباشرة لضغط الشارع. ففي هولندا وحدها، خرج عشرات الآلاف في مظاهرات ضخمة خلال مايو، مطالبين بوقف الحرب فورًا، فيما شهدت مدن أوروبية كبرى موجات احتجاج مماثلة، مرفقة بالأعلام الفلسطينية والهتافات المنددة بالعدوان الإسرائيلي.
الاتحاد الأوروبي أمام مفترق طرق
يُعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، بتبادل سلع بلغ 47 مليار دولار عام 2024، بحسب صندوق النقد الدولي. وأي تعديل في اتفاقية التجارة الأوروبية الإسرائيلية قد يُشكل ضربة موجعة لاقتصاد تل أبيب المتعثر بسبب الحرب.
وأشارت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى وجود “أغلبية قوية” داخل التكتل تؤيد إعادة النظر في الاتفاقية. كما قال المستشار الألماني ميرز إن برلين تفكر جديًا في فرض قيود على صادرات الأسلحة لإسرائيل.
لكن.. هل يكتمل الانقلاب؟
ورغم هذه التطورات، لا تزال بعض الدول الأوروبية، مثل المجر، تشكل عقبة أمام اتخاذ قرارات أوروبية جماعية أكثر صرامة. كما أن شركات الدفاع الأوروبية قد تتأثر سلبًا في حال تم تقليص الصادرات، مع احتمالات ردود انتقامية من إسرائيل التي تزود القارة بأنظمة عسكرية متطورة، من ضمنها الدفاعات الجوية.
خلاصة المشهد
تحول المزاج الأوروبي تجاه إسرائيل لم يعد مجرد كلام في الأروقة، بل بدأ يتحول إلى قرارات سياسية واقتصادية ملموسة، قد تعيد صياغة العلاقة التاريخية بين الطرفين. ومع اشتداد الضغط الشعبي وتفاقم الكارثة في غزة، يبدو أن أوروبا لم تعد قادرة على الصمت.