image

بوتين

لندن – ربيع يحيي

في تحول لافت، أعلنت مجموعة “فاغنر” الروسية انسحابها رسميًا من مالي، بعد أكثر من ثلاث سنوات على وجودها في البلد الذي يشهد اضطرابات أمنية مزمنة. المجموعة، التي لطالما كانت الذراع غير الرسمية للكرملين في أفريقيا، ستذوب تدريجيًا ضمن تشكيل جديد هو “فيلق أفريقيا”، التابع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية.

ويأتي هذا الإعلان في وقت يتجدد فيه الحديث عن دور موسكو المتنامي في القارة السمراء، خاصة بعد سلسلة من الانتكاسات التي طالت “فاغنر” مؤخرًا، سواء في مالي أو خارجها، من بينها مقتل زعيمها يفغيني بريغوجين بعد تمرد فاشل في يونيو 2023، ومقتل عناصر بارزين في اشتباكات دامية مع الجماعات الجهادية في منطقة الساحل.

الوجود الروسي في مالي كان مبررًا بمحاربة الإرهاب، لكن تقارير عدة كشفت عن تورط “فاغنر” في عمليات ميدانية عنيفة، وخسائر فادحة منيت بها خلال مواجهات مع تنظيمات مثل “القاعدة”. مصادر أمنية رجّحت وجود دعم استخباراتي أوكراني للهجمات ضد فاغنر، خاصة في شمال مالي.

ويرى خبراء أن “فيلق أفريقيا” ليس مجرد تغيير اسم، بل انتقال نوعي من العمل كقوة مرتزقة إلى ذراع عسكرية شبه رسمية، تركّز على التدريب وتقديم الدعم اللوجستي، أكثر من الانخراط في المعارك المباشرة.

اللافت أن قيادة هذا الفيلق الجديد أوكلت إلى يونس بك يفكيروف، نائب وزير الدفاع الروسي والرئيس السابق لجمهورية إنغوشيتيا، ما يعكس أهمية المشروع الروسي للنفوذ في أفريقيا، في ظل انسحاب القوى الغربية وعلى رأسها فرنسا.

وبينما تتجه الأنظار إلى مستقبل “فيلق أفريقيا”، يبقى السؤال الأهم: هل تنجح روسيا في إعادة تشكيل نفوذها الأفريقي بوسائل أكثر رسمية وفاعلية، أم أن التحديات الأمنية في دول الساحل ستُجهض المشروع في مهده؟