image

ترامب ونتنياهو

لندن – ربيع يحيى

في لحظة فارقة من عمر الصراع الأميركي-الإيراني، يعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لواجهة المشهد العسكري والسياسي عبر خطط تصعيدية غير مسبوقة، كاشفًا عن وجه أكثر صرامة تجاه طهران، تمامًا كما تفعل إسرائيل.

فخلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، أدلى الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، بشهادة مفادها أن البيت الأبيض ناقش فعليًا سيناريوهات عسكرية للتعامل مع إيران، في حال فشلت مفاوضات الاتفاق النووي الجديد.

بين الضغوط والمواجهة: ماذا يريد ترامب؟

على الرغم من أن ترامب ألمح في مقابلات متلفزة مع شبكة “فوكس نيوز” إلى أنه يفضل الحل الدبلوماسي الذي يمنع الحرب، إلا أن نبرته حملت إشارات واضحة إلى أن صبر واشنطن بدأ ينفد، بعد أن أبدت طهران تشددًا متزايدًا في الشروط ورفضًا لتقديم التنازلات، خصوصًا في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.

ترامب لم يُخفِ استياءه مما وصفه بـ”المفاجآت غير السارة”، مؤكدًا أن الإيرانيين يتفاوضون من موقع أكثر صرامة، ما يضع إدارته أمام خيارات قاسية.

طاولة الحرب.. من يناقش ترامب؟

كشفت تقارير إعلامية خلال الساعات الـ 24 الأخيرة أن ترامب عقد سلسلة مشاورات معمّقة مع أبرز صقور فريقه للأمن القومي، من بينهم نائبه جيه دي فانس، ووزير خارجيته ماركو روبيو، وقادة عسكريون في وزارة الدفاع.

الاجتماعات ركزت على ملفين متشابكين:

المفاوضات المتعثرة مع إيران.

الحرب المستمرة في قطاع غزة.

إذ يرى ترامب أن المسارين لا ينفصلان، وأن التوصل إلى اتفاق نووي لا يمكن فصله عن التهدئة في غزة، والعكس صحيح.

إسرائيل على الخط: تشجيع أم تعطيل؟

من خلف الستار، تبدو إسرائيل لاعبًا محوريًا في رسم ملامح هذا التوجه الأمريكي. فرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لا يخفي معارضته لأي اتفاق مع إيران، ويواصل التلويح بتوجيه ضربة مباشرة للمنشآت النووية الإيرانية.

لكن الضغوط الأمريكية فرملت اندفاع نتنياهو مؤقتًا، حيث طلب منه ترامب بوضوح عدم القيام بـ”مفاجآت” عسكرية، وضرورة التنسيق الكامل مع واشنطن، لا سيما أن أي ضربة إسرائيلية قد تُفشل المسار التفاوضي برمّته وتفجّر المنطقة.

تلويح أم تقليد للنهج الإسرائيلي؟

اللافت في توقيت التصريحات الأمريكية هو تشابهها مع الطريقة الإسرائيلية في ممارسة الضغط: إطلاق تسريبات عن خطط عسكرية لإرغام الخصم على التنازل في المفاوضات.

لكن هذا التلويح الأمريكي قد ينطوي على مخاطر عكسية، إذ يمكن أن يدفع إيران إلى مزيد من التشدد بدلًا من المرونة، أو حتى إلى تصعيد مباشر يخرج الأمور عن السيطرة.

في الخلاصة:

الولايات المتحدة الآن أمام مفترق طرق خطير:

هل تتجه للتصعيد العسكري لإجبار إيران على القبول بشروطها؟

أم أن الأمر لا يتعدى ضغوطًا نفسية وتكتيكية بأسلوب مستوحى من حلفائها في تل أبيب؟

في كلتا الحالتين، المنطقة مقبلة على صيف ساخن، يحدد خلاله مستقبل الملف الإيراني، وربما شكل التحالفات الإقليمية لسنوات قادمة.