image

شهدت ليلة الجمعة تبادلا للضربات الجوية بين إسرائيل وإيران

إعداد: جوناثان ريد وإيميلي كارتر

بينما لا تزال أصداء الانفجارات في طهران وتبريز تتردد في الأفق، يتساءل العالم: هل تغيّرت قواعد اللعبة في الشرق الأوسط؟ وهل بات سقوط النظام الإيراني احتمالًا حقيقيًا؟ وما التداعيات الاقتصادية والسياسية التي تنتظر المنطقة، وخاصة دول الخليج؟ في هذا المقال، نحلّل مستقبل المشهد الإقليمي من خلال قراءة استراتيجية لما بعد الضربات، مستعينين بآراء خبراء دوليين في الأمن والسياسة والطاقة.

هل سقط الخط الأحمر؟

منذ سنوات، كانت إسرائيل ترسل إشارات بأنها لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. لكنها، هذه المرة، تجاوزت التهديدات إلى فعلٍ عسكري مباشر، استهدف علماء ومنشآت استراتيجية. الخبير الدولي في شؤون الشرق الأوسط، الدكتور كريم الجابري، يرى أن “ما حصل لا يشبه أي مواجهة سابقة. إسرائيل لم تكتف بضربة رمزية، بل استهدفت القلب العلمي والعسكري للبرنامج النووي الإيراني”.

اقرأ أيضا

الخليج وإيران بعد الضربة الإسرائيلية: تحالفات الحذر أم طريق للمواجهة؟

ويضيف الجابري: “إذا ثبتت مسؤولية إسرائيل عن مقتل قيادات في الحرس الثوري، فإن طهران قد تتجه إلى خيارات أكثر راديكالية داخليًا، ما يفتح الباب أمام انهيار هرمي سريع للسلطة”.

فراغ في طهران… هل من يملؤه؟

لطالما حذّر المراقبون من أن سقوط النظام الإيراني قد لا يكون انتصارًا للديمقراطية، بل بداية لفوضى لا تقل خطورة عن ما حدث في العراق أو ليبيا. المحللة السياسية الفرنسية، إلين دوبوا، تقول: “إذا انهار النظام دون انتقال منظم للسلطة، فقد تدخل البلاد في دوامة تصفيات داخلية بين الحرس الثوري وبقايا المؤسسات، مع احتمالية صعود قوى متطرفة أو انفصالية”.

وتضيف: “الفراغ في إيران لن يبقى داخل حدودها. سينعكس على العراق، لبنان، سوريا، واليمن، حيث تنشط الميليشيات التابعة لها. وهذا قد يفتح مسارًا جديدًا للصراع المفتوح في الإقليم”.

الخليج.. في عين العاصفة؟

دول الخليج تبدو حاليًا في حالة ترقب شديد. صحيح أن بعضها حافظ على خيوط دبلوماسية مفتوحة مع طهران في السنوات الأخيرة، لكن إذا شعرت إيران بأنها خسرت المعركة على أراضيها، فقد تختار “الانتقام غير المتوازن” ضد مصالح حيوية في المنطقة.

اقرأ أيضا

مقابلات حصرية مع خبراء: الغرام السري وتجارة المصالح القذرة بين طهران وتل أبيب

لـ”اليوم ميديا”، يشير خبير أمني خليجي سابق إلى أن “الخطر الأكبر على الخليج لا يأتي من الصواريخ الإيرانية فحسب، بل من الوكلاء غير المنضبطين: الحوثيون في اليمن، ميليشيات في العراق، خلايا نائمة في البحرين والكويت”.

ويضيف: “القواعد الأميركية في العديد من دول الخليج، قد تصبح أهدافًا مباشرة إذا شعرت إيران بأنها تواجه تحالفًا علنيًا ضدها”.

صدمة النفط ومضيق هرمز

اقتصاديًا، تعيش الأسواق العالمية على وقع المخاوف. وإذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز – الشريان الذي يمر عبره أكثر من 20% من إمدادات النفط العالمية – فإن الصدمة الاقتصادية ستكون فورية.

اقرأ أيضا

من الحرب إلى البنزين ووول ستريت.. هل يشهد العالم صدمة نفطية؟

يقول الخبير في شؤون الطاقة، مايكل رينولدز، من مجموعة “وود ماكينزي” الاستشارية: “أسواق النفط تسعّر حاليًا المخاطر، لا الحقائق. لكن إذا تطور الوضع إلى استهداف ناقلات أو منشآت نفطية، فقد نصل إلى أسعار تتجاوز 150 دولارًا للبرميل”.

وتابع: “دول الخليج ستربح ماليًا على المدى القصير، لكنها ستخسر استقرارها الجيوسياسي، وهو ما لا يمكن تعويضه بسهولة”.

هل تسقط الجمهورية الإسلامية؟

الضربات الأخيرة لا تكفي وحدها لإسقاط نظام محكم كالنظام الإيراني، لكن إذا تراكمت العوامل الداخلية – غضب الشارع، انقسامات داخل النخبة، ضغوط دولية متزايدة – فقد يتحول الانهيار من فرضية بعيدة إلى واقع قريب.

الكاتب الإيراني علي رضا، يقول: “النظام يعيش لحظة هشاشة تاريخية. لم يعد الشعب الإيراني يؤمن بقدرته على توفير الأمن أو الاقتصاد أو الكرامة. إذا واصل المرشد سياسة الإنكار، فقد ينفجر الوضع من الداخل، أسرع مما يتوقع كثيرون”.

خلاصة

قد لا تسقط إيران غدًا، لكن الشرق الأوسط بلا شك يقف على فوهة بركان. وإذا لم تتدخل قوى العقل في الوقت المناسب، فقد نشهد لحظة انفجار كبرى تغيّر وجه المنطقة لعقود.