
عمليات إطلاق صواريخ من إيران
في فجر يوم مشؤوم، دوّت صفارات الإنذار في تل أبيب، والصواريخ الإيرانية تتساقط فوق المدينة التي لم تنم. المشهد بدا مفاجئًا وصادمًا، لكن الحرب لم تبدأ هنا. لقد بدأت منذ سنوات طويلة على طاولة المفاوضات في فيينا، حين كانت الكلمات تُستخدم بدل القنابل، والوعود تُوزن أكثر من الصواريخ.
من الصواريخ إلى الوثائق النووية
ما حدث في فيينا، في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني (2015)، وما تلاه من انسحاب أميركي مفاجئ (2018)، كان الشرارة الأولى في لعبة طويلة الأمد، حرب باردة مستترة، تحوّلت إلى مواجهة علنية ساخنة.
يقول البروفيسور جوليان شتاينر، خبير الشؤون النووية بجامعة برلين:
“الاتفاق النووي كان قنبلة مؤجلة.. ما إن تمزّق، حتى بدأت العداد التنازلي لانفجار حتمي.”
المعركة خلف الستار
في السنوات التالية، توسّعت الحرب إلى السايبر، والاغتيالات، والتسريبات. من اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، إلى الهجمات المجهولة على منشآت نطنز وفوردو.
تقول د. مهتاب كريمي، خبيرة العلاقات الإيرانية الأوروبية:
“كل جولة تفاوض فاشلة كانت تعني صاروخًا مؤجلاً في قلب الشرق الأوسط.”
متى خسر العالم السيطرة؟
انهيار الثقة بين طهران وواشنطن، وتحوّل إسرائيل من مراقب إلى مشارك مباشر، أديا إلى واقع جديد:
إيران تسعى للردع الحقيقي
إسرائيل تضرب أولًا
الخليج في مرمى النيران
بينما تبادلت الأطراف الضربات، بقيت الحقيقة الأهم: غياب البديل الدبلوماسي جعل الحرب حتمية.
يقول د. فريد العتيبي، المحلل الأمني الخليجي في مركز الخليج للدراسات الأمنية:
“ما يُطلق في الفجر فوق تل أبيب، كان نتيجة قرارات اتُخذت على ضوء الشموع في فيينا.”
هل تنجح طهران في فرض معادلة جديدة؟
الصواريخ الإيرانية لم تكن فقط رصاصات انتقام، بل رسالة استراتيجية: إيران تقول للعالم إنها قادرة على الرد، وإنها تمتلك الوسائل.
الرسالة الثانية وُجهت إلى الخليج، الذي يعيش في حالة تأهب وجودي.
يقول د. روبرت ويلسون، مدير أبحاث الأمن الدولي في معهد كينغز كوليدج:
“تل أبيب هدف، لكن العيون على الرياض وأبوظبي والمنامة. أي انزلاق قد يشعل الخليج بالكامل.”
هل هناك فرصة أخيرة؟
مع تصاعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وتصريحات ترامب عن “ضربة محتملة”، تعود الأنظار إلى الدبلوماسية الميتة في فيينا.
ربما لا تزال هناك نافذة ضيقة، لكن حتى أكثر المتفائلين يرونها مشقوقة بالكاد.
“فيينا لم تكن اتفاقًا.. كانت هدنة مؤقتة” – هكذا ختمت د. ناديا الأسدي، الباحثة الإيرانية في مركز دراسات النزاع في جنيف.
تحليل سياسي – لندن | اليوم ميديا