موظفو الهيئة التنظيمية النووية بالقرب من خزانات تخزين المياه المشعة (أرشيفية)
في عالم تبدلت فيه قواعد المواجهة، حين تُقصف منشآت نووية محصّنة مثل “فوردو”، يتجاوز السؤال التقليدي عن نجاح العملية العسكرية، ليأخذنا إلى آفاق أعمق تتناول سلامة البيئة، صحة الإنسان، واستقرار المنطقة الأمنية والسياسية.
في ليلة مشحونة بالتوتر، أعلنت القيادة الأميركية عن قصف مركز فوردو النووي الواقع تحت الأرض، في محاولة لتجريد إيران من قدراتها النووية المتقدمة. وفق تصريحات مسؤولي البنتاغون، كانت الضربة دقيقة وناجحة، مُحققة أهدافها دون استهداف المدنيين أو القوات الإيرانية.
لكن الخبراء الأمنيون يحذرون من أن “نجاح الضربة” يجب أن يُقاس أيضاً بنتائج ما بعد الهجوم، خصوصًا فيما يتعلق بالتسريبات الإشعاعية المحتملة التي قد تنذر بكارثة بيئية وإنسانية.
د. إلين باركر، خبيرة البيئة النووية في جامعة كولومبيا، تؤكد أن “أي ضربة لمنشآت نووية تحت الأرض تحمل خطراً حقيقياً لتسرب مواد مشعة، حتى لو كانت الضربة دقيقة”.
وتضيف: “التربة والصخور قد تمتص جزءًا من الإشعاع، لكن إذا حدث تسرّب في الهواء أو المياه الجوفية، فذلك قد يؤدي إلى أزمات صحية واسعة، قد تستمر لسنوات في الخليج وما حوله.”
من الناحية الطبية، يشير البروفيسور مايكل ساندرز، من معهد الصحة العامة بلندن، إلى أن “التعرض للإشعاعات حتى بكميات صغيرة يرفع معدلات الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان، بالإضافة إلى تأثيرات مزمنة على الأعضاء الحيوية”.
ويضيف: “الوقاية السريعة والمراقبة المستمرة لسكان المناطق المجاورة أمر ضروري، وكذلك تقديم الدعم الطبي النفسي، حيث إن الكارثة النووية لها أبعاد نفسية واجتماعية عميقة”.
سياسياً، يؤكد الدكتور هيوستن كليف، الباحث في مركز الدراسات الشرق أوسطية بواشنطن، أن “الضربة على فوردو تحمل رسالة واضحة من واشنطن لطهران، لكنها في الوقت نفسه تُشعل شرارة تصعيد خطير، قد يدفع بالمنطقة إلى صراعات مفتوحة”.
ويشرح: “الخليجُ ليس مسرحًا فقط لصراعات نفوذ، بل هو حاضنة لمصالح عالمية، وأي اهتزاز أمني فيه يهدد استقرار أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.”
في تحليل أمني، يرى اللواء المتقاعد ماركوس رايت، خبير الاستراتيجيات في لندن، أن “الأمن في الخليج مرتبط بشكل وثيق بنتائج هذا الهجوم. إن لم يكن هناك تسرب إشعاعي، فإن الرد الإيراني قد يقتصر على عمليات محدودة. أما في حال حدوث كارثة بيئية، فالرد سيكون واسعاً ومفتوحاً على عدة جبهات”.
ويضيف: “المجتمع الدولي مطالب بتوفير آليات رقابة وحماية للمنشآت النووية في المنطقة، منعاً لانزلاقها نحو كارثة غير محسوبة العواقب.”
هكذا، تتداخل معاني النجاح العسكري مع مخاوف بيئية وصحية وسياسية وأمنية، ليصبح ملف “فوردو” محط أنظار العالم كله. الخليج الذي لطالما كان ملتقى حضارات وممرّاً اقتصادياً استراتيجياً، يواجه اليوم تحديات لم يشهد لها مثيلاً من قبل. النجاح في تدمير برنامج نووي لا يعني نهاية المخاطر، بل بداية فصل جديد من الحذر واليقظة.
من وحدة التحليل السياسي – لندن – اليوم ميديا
يبدو أن مستقبل قطاع غزة محصور في ثلاثة سيناريوهات محتملة، تتشكل وفق موازين القوى التي…
تعرض متحف اللوفر في باريس، أحد أشهر المتاحف في العالم، صباح الأحد لعملية سرقة جريئة،…
أعربت مجموعات الأعمال الأمريكية عن قلقها المتزايد من أن الإغلاق الحكومي المستمر يترك آثارًا سلبية…
في مشهدٍ يليق بعصرٍ تتقاطع فيه القيم مع التقنية، ارتفعت من دبي مساء الأحد كلماتٌ…
في تصعيد إلكتروني جديد ضد إسرائيل، أعلنت مجموعة القرصنة الإيرانية المعروفة باسم «حنظلة» (Hanzala Hackers)…
زيد بن كمي الصور التي بثّتها قناة «العربية» من غزة هذا الأسبوع بعد أن وضعت…