
طهران تهاجم قواعد أميركية في العراق وقطر
مع اشتعال الجبهة الإيرانية الإسرائيلية بدعم مباشر من الولايات المتحدة، تجد دول الخليج نفسها وسط اختبار جيوسياسي خطير، إذ لم يعد الحياد خيارًا فعليًا في ظل تهديدات تطال العمق الخليجي سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
خطر على الأرض.. وتناقضات في التحالفات
تحتضن دول الخليج شبكة من أكبر القواعد الأميركية في العالم، بما فيها قاعدة العديد في قطر، وقواعد الكويت والإمارات والسعودية. لكن رغم ما تملكه هذه الدول من “حق نظري” في منع استخدام أراضيها لأي عمليات هجومية، إلا أن الواقع الاستراتيجي يُثبت أن القرار النهائي غالبًا بيد واشنطن.
وقد وجّهت طهران إنذارات صريحة: أي أرض تنطلق منها هجمات أميركية تعتبر هدفًا مشروعًا. وهذا يعني أن مجرد انخراط أميركي أكبر في الحرب كفيل بتحويل أراضي الخليج إلى جبهة قتال مباشرة.
شلل الطيران.. وصدمة البورصات
في أعقاب الضربة الإسرائيلية لمواقع نووية إيرانية يوم 13 يونيو، شهدت الأجواء الخليجية اضطرابات خطيرة، إذ أُلغيت عشرات الرحلات، وتوقفت حركة الملاحة الجوية فوق إيران والعراق وسوريا. تكاليف التشغيل ارتفعت، وتراجعت الأسهم، حيث هبط سهم “العربية للطيران” بنسبة 10%، وهو أكبر انخفاض منذ أزمة 2008.
الطاقة في مهب الريح.. والأسواق ترتعد
ضربة واحدة قرب حقل “بارس الجنوبي” الإيراني – المتصل مباشرة بحقل الشمال القطري – رفعت أسعار النفط بأكثر من 10%. وإذا استمر التصعيد، فإن الأسعار قد تتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل، ما يعني ضغوطًا مزدوجة على الخليج: إيرادات نفطية مؤقتة مقابل تهديد وجودي لسلاسل الإمداد والبنى التحتية.
هل يغلق هرمز وباب المندب؟
إيران تلوّح بإغلاق مضيق هرمز، وهو شريان يصدر عبره 60% من نفط الخليج. ومع تراجع حركة باب المندب إلى النصف بسبب هجمات الحوثيين، فإن إغلاقًا مزدوجًا سيعني اختناقًا عالميًا حتميًا للطاقة.
سيناريوهات التلوث والإبادة المائية
الخطر الصامت يتمثل في إمكانية حدوث تلوث نووي من ضربات متبادلة، ما يهدد مياه الشرب في الخليج، خصوصًا في الكويت والإمارات وقطر، التي تعتمد على تحلية مياه البحر بنسبة شبه كاملة، دون وجود خطة طوارئ إقليمية.
سيادة رقمية مهددة
في خضم هذا التوتر، أصبحت الحرب السيبرانية واقعًا حيًا، إذ اضطرت أكثر من 1000 سفينة للعودة إلى أنظمة الملاحة اليدوية بعد التشويش على الـ GPS في مضيق هرمز. وهذا يعني أن الخليج لا يواجه فقط خطرًا ماديًا، بل رقميًا أيضًا.
الخليج بين تل أبيب وطهران.. ومطالب واشنطن
رغم سعي السعودية وقطر والإمارات إلى خفض التصعيد عبر وساطات دولية، فإن الواقع يكشف عن ثلاث ركائز متناقضة في الاستراتيجية الخليجية:
- التطبيع المشروط مع إسرائيل.
- المصالحة الحذرة مع إيران.
- الاعتماد الكامل على المظلة الأمنية الأميركية.
هذه التناقضات باتت غير قابلة للاستمرار في ظل حرب قابلة للانفجار في أي لحظة.
التحليل: هل يملك الخليج رفاهية الحياد؟
الخبير الجيوسياسي “آلان دورين” يرى أن “الخليج لم يعد قادرًا على الاختباء خلف الوساطات، فالموقع الجغرافي أصبح عبئًا استراتيجيًا”. فيما يحذر المسؤول القطري السابق حمد بن جاسم من أن “انهيار إيران سيطلق فوضى لن تُحتوى، وعلى واشنطن وقف الجنون الإسرائيلي فورًا”.
وحدة السياسة – لندن – اليوم ميديا