image

من قاعدة العديد في قطر

ما هو مستقبل القواعد الأميركية في المنطقة بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة “العديد” في قطر؟ هل وجدت هذه القواعد لحماية الدول المستضيفة، أم أن على هذه الدول أن تتحمل عبء حمايتها؟ سؤال محوري يعكس جدلًا متصاعدًا في الخليج والولايات المتحدة.

يرى مراقبون أن وجود هذه القواعد الأميركية أصبح عبئًا أمنيًا وسياسيًا على بعض دول المنطقة، إذ تُستخدم في الحروب الأميركية مما يعرّضها لهجمات انتقامية من خصوم واشنطن، كما حدث مع القاعدة القطرية. والأخطر، أن هذه القواعد باتت عاجزة عن ضمان الحماية الفعلية، حتى لأهم حلفاء واشنطن: إسرائيل، التي فشلت الولايات المتحدة في صد الضربات الإيرانية عنها بالكامل خلال المواجهة الأخيرة.

قاعدة العديد.. القلب النابض للقوة الأميركية في الخليج

قاعدة “العديد” الجوية ليست مجرد موقع عسكري، بل تمثل المركز العصبي للعمليات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط. تحتوي على مدرجات بطول 12 ألف قدم، وتستضيف أكثر من 10 آلاف عسكري أميركي، إلى جانب قوى حليفة. من هذه القاعدة، تُدار حملات جوية في العراق وسوريا واليمن، وتُنسّق عمليات الدعم اللوجستي لأفغانستان، وتوجد بها قاذفات “B-52” وطائرات مراقبة متقدمة.

ورغم تأكيد وزارة الدفاع القطرية أن أنظمة الدفاع الجوي نجحت في اعتراض الصواريخ الإيرانية، فإن صور الأقمار الصناعية كشفت عن انسحاب نحو 40 طائرة أميركية قبيل الهجوم، في إشارة إلى استشعار مسبق بالخطر.

قطر.. بين الحياد الإقليمي والتحالف الأمني

تشدد الدوحة على أن قاعدتها لن تُستخدم للهجوم على إيران. القاعدة التي بنيت بتمويل قطري عام 1996 وتوسعت بعد هجمات 11 سبتمبر، تمثل لقطر مظلة ردع استراتيجية، لكن تزداد التساؤلات داخل الدولة حول جدوى هذا الوجود الأميركي المكلف، خاصة في ظل التوترات الإقليمية.

المعادلة الحساسة

وجود هذه القواعد يمنح واشنطن عمقًا استراتيجيًا في مواجهة إيران والجماعات المسلحة، لكنه يجعل الدول المستضيفة، من قطر إلى البحرين، في مرمى الرد الإيراني أو هجمات الوكلاء، كما رأينا في الهجمات على السفن في البحر الأحمر أو على قواعد أميركية في العراق وسوريا.

مع وجود نحو 40 ألف جندي أميركي في المنطقة، موزعين على 19 قاعدة في 9 دول عربية، تتزايد الضغوط السياسية والشعبية لإعادة النظر في طبيعة هذه التحالفات العسكرية، خاصة مع ارتفاع كلفة الوجود الأميركي ماليًا وسياسيًا.

هل يكون الحل سياسيًا؟

فيما تشير التقارير إلى أن الهجوم الإيراني على العديد لم يسفر عن إصابات، بفضل الدفاعات الجوية، أكدت قطر حقها في الرد. في المقابل، قال ترامب إن الإيرانيين أبلغوه مسبقًا بالهجوم، مما اعتبره بادرة حسن نية، تُبقي باب الدبلوماسية مفتوحًا.

مع كل ضربة، يتضح أن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في الخليج بات على المحك. بين الحماية المفترضة والخطر المترتب، يبقى سؤال الخليج الأهم: هل آن أوان الاستقلال الأمني

وحدة السياسة – لندن – اليوم ميديا