
زهران ممداني
في ليلة الجمعة التي سبقت يوم الانتخابات، سار زهران ممداني، الاشتراكي الديمقراطي البالغ من العمر 33 عامًا والمرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك، على طول مانهاتن من حديقة إنوود هيل في أقصى شمالها إلى باتري جنوبًا – نحو 13 ميلاً. خلال هذه الرحلة الرمزية، استُقبل بحفاوة من سكان المدينة؛ فنهض الرجال من كراسيهم لتحيته، وأطلقت السيارات أبواقها دعمًا له، وسارع الناس لالتقاط صور سيلفي مع المرشح الذي يُنظر إليه كرمز للتغيير.
فوز تاريخي ورسالة إلى الحرس القديم
إذا تم انتخابه في نوفمبر، فسيصبح ممداني أول عمدة مسلم في تاريخ نيويورك. وقد تمكن من تحقيق نصر سياسي مدوٍّ بفوزه على الحاكم السابق أندرو كومو، المدعوم من النخبة الحزبية، والذي أقر بالهزيمة بعد الجولة الأولى من فرز الأصوات. بالنسبة لكثيرين، حمل فوز ممداني رسالة واضحة: حان وقت تجديد الحزب الديمقراطي وتجاوز القيادات التقليدية.
تحالفات جديدة وتكتيك ميداني
استندت حملة ممداني إلى تحالف متعدد الأعراق والأجيال، ركز على قضايا مثل ارتفاع تكلفة المعيشة والسكن، وقد نجحت في جذب الشباب والناخبين غير المنخرطين سياسيًا. في أحياء مثل ريدجوود في كوينز وبوشويك في بروكلين، حصد أكثر من 79% من الأصوات. ووصفت بعض وسائل الإعلام هذه المناطق بـ”الممر الشيوعي”، تعبيرًا عن التوجه اليساري الصاعد فيها، وفق تقرير لصحيفة (الغارديان) البريطانية.
انقسام داخل الحزب الديمقراطي
لكن النجاح لم يكن محل ترحيب من الجميع. فقد حذّر العديد من الديمقراطيين الوسطيين من أن سياسات ممداني الشعبوية ومواقفه المؤيدة للفلسطينيين قد تُنفر الناخبين المترددين في المناطق المتأرجحة. ورغم أن شخصيات بارزة مثل ألكسندريا أوكاسيو كورتيز وبيرني ساندرز دعموه، فإن قادة آخرين في الحزب، مثل تشاك شومر وحكيم جيفريز، اكتفوا بتهنئته دون إعلان تأييدهم الصريح.
نهج إعلامي جديد وقاعدة شبابية
اعتمد ممداني على وسائل تواصل غير تقليدية، فشارك في برامج على تيك توك ويوتيوب، وخاطب الناخبين بلغات متعددة، بما في ذلك الإسبانية والهندية والأردية. كما نظمت حملته فعاليات شبابية مثل حفلات DJ ومسابقات ثقافية لجذب الناخبين الجدد. هذا النهج المختلف في التواصل أظهره كشخصية قريبة من الناس، لا تخشى التعبير ولا تتجنب الأسئلة الصعبة.
تحديات قادمة ومخاوف من اليمين
رغم النجاح التمهيدي، لا تزال أمام ممداني معركة انتخابية غير تقليدية. فهناك حديث عن دعم مستقل للحاكم السابق كومو أو لعمدة المدينة الحالي إريك آدامز، إضافة إلى هجمات متوقعة من الجمهوريين. وقد وصفه دونالد ترامب بالفعل بأنه “مجنون شيوعي”، في إشارة إلى مدى قلق الجمهوريين من صعوده.
ممداني كرمز لجيل جديد
يرى مؤيدو ممداني أنه يُجسّد تطلعات الجيل الجديد من الديمقراطيين: شباب، تقدمي، صريح، ومتشبث بالعدالة الاجتماعية. وتعتبر حملته نموذجًا جديدًا قد يُعيد تشكيل المشهد السياسي الأمريكي إذا نجح في الوصول إلى منصب العمدة.
خلاصة
فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية قد لا يكون مجرد تحول محلي في نيويورك، بل إشارة مبكرة إلى تحول أوسع داخل الحزب الديمقراطي، وربما خارطة طريق حقيقية لمواجهة ترامب وأمثاله في الانتخابات القادمة.
وحدة التحليلات – لندن – اليوم ميديا