image

تصاعد الدخان جراء انفجار في جنوب غرب طهران (CNN) صور غيتي

هل تستطيع أميركا أو إسرائيل إسقاط النظام الإيراني؟ تقرير تحليلي يكشف هشاشة رهان “تغيير الحكم” في طهران أمام بنية نظام صلب ومؤسسات مترابطة تقاوم الانهيار منذ 1979.

 1. أوهام قديمة تعود: هل يمكن إسقاط النظام الإيراني؟

عادت النقاشات حول تغيير النظام في إيران إلى الواجهة، بعد مقتل قادة عسكريين بارزين في غارات إسرائيلية، حيث صرّح رئيس وزراء إسرائيل بأن الحرب ضد طهران “يمكن بالتأكيد أن تؤدي إلى تغيير النظام”. لكن التجربة التاريخية تثبت أن هذه الأوهام تتكرر منذ عقود دون نتيجة.

 2. التاريخ يعيد نفسه: من مصدق إلى الحرس الثوري

في عام 1953، أطاحت المخابرات الأميركية والبريطانية بحكومة محمد مصدق بعد أن أمم النفط.

وفي 1980، غزا صدام حسين إيران بدعم غربي واسع، توقعًا لانهيار النظام الثوري الجديد.

لكن إيران لم تسقط، بل ازدادت مناعة وتعقيدًا في بنيتها السياسية والأمنية.

 3. بنية حكم هجينة: ثيوقراطية + جمهورية

تُعد إيران من الأنظمة الأكثر تعقيدًا في الشرق الأوسط، فهي تجمع بين:

عناصر ديمقراطية (برلمان، انتخابات)

عناصر ثيوقراطية (ولاية الفقيه، مجلس صيانة الدستور)

السلطة النهائية بيد المرشد الأعلى، الذي يعلو على كل المؤسسات. النظام مصمم لمنع أي تغيير جذري من الداخل أو الخارج.

 4. جيش مزدوج ودولة مقاومة للانهيار

يمتلك النظام الإيراني أجهزة أمنية وعسكرية متداخلة:

القوات المسلحة النظامية (420 ألف جندي)

الحرس الثوري (190 ألف جندي نخبة)

الباسيج: شبكة ضخمة من المتطوعين منتشرين في كل المدن والأحياء والمؤسسات.

هذه الطبقات الدفاعية تمنح النظام قدرة عالية على الصمود في وجه أي اختراق أو تدخل.

 5. اغتيالات إسرائيل.. هل تؤثر على استقرار النظام؟

رغم اغتيال شخصيات بارزة في الحرس الثوري، فإن الجهاز لم يتفكك، بل أعاد إنتاج قيادات أكثر تشددًا. هذا “الصلب العقائدي” المستند إلى تجربة الحروب، خاصة في سوريا، يعرف جيدًا كيف يدير الأزمات ولا ينهار بسهولة.

6. أي تدخل خارجي = وحدة وطنية داخلية

تاريخيًا، عندما تواجه إيران تهديدًا خارجيًا، يتوحد الشعب خلف النظام. الشعور القومي والإسلامي يتغلب على الخلافات الداخلية، ويُحوّل الهجوم الخارجي إلى وقود للبقاء.

 7. إيران ليست سوريا أو ليبيا.. إنها دولة عميقة

النظام الإيراني ليس “رجلًا يمكن قطع رأسه”، بل منظومة متجذرة في العقيدة الثورية والدولة العميقة. حتى وفاة رموز كبرى لن تؤدي إلى انهيار، بل إلى إعادة إنتاج الشرعية من داخل المؤسسات نفسها.

8. هل فهمت واشنطن الدرس؟

الرهان على إسقاط النظام الإيراني عبر الحروب أو الضغوط الاقتصادية أثبت فشله مرارًا. القوة الناعمة، والانفتاح السياسي، ربما تكون خيارات أكثر جدوى من وهم “التغيير بالقوة”.

 خلاصة:

إيران دولة ثورية عميقة الجذور، لا يمكن إسقاط نظامها عبر الضربات أو الفوضى. كلما اشتد الضغط، ازداد النظام صلابة. أي محاولة أميركية جديدة لإعادة سيناريو “تغيير الحكم” ستكون مغامرة مكلفة وطويلة، وقد تنقلب إلى كارثة إقليمية شاملة.

لندن – اليوم ميديا