تجمع لمسلمين شيعة قبيل عاشوراء أقدس الأيام الدينية عندهم في كربلاء في العراق رويترز

تجمع لمسلمين شيعة قبيل عاشوراء أقدس الأيام الدينية عندهم في كربلاء في العراق رويترز

تُعد واقعة الطف التي قُتل فيها الإمام الحسين بن علي عام 680م (61 هـ) في كربلاء، أحد أهم المنعطفات في تشكيل الهوية الشيعية. فقد تحوّلت هذه الحادثة المأساوية من مجرد حدث تاريخي إلى رمز للمظلومية والثبات على المبدأ والعدالة في وجه الظلم.

تجمع لمسلمين شيعة قبيل عاشوراء
تجمع لمسلمين شيعة قبيل عاشوراء

عاشوراء.. طقس ديني وهوية سياسية

لا تقتصر طقوس عاشوراء على البُعد الديني أو التعبّدي، بل تحوّلت إلى طقس يُعيد إنتاج الهوية الشيعية سنويًا. فخلال العشرة الأوائل من محرم، تقام المجالس الحسينية، وتُنظَّم المواكب، وتُعرض مسرحيات “التشابيه” التي تُجسد مأساة كربلاء أمام آلاف الحاضرين، وفق تقرير نشره موقع بي بي سي.

من الحزن إلى الاحتجاج

لطالما كانت طقوس عاشوراء وسيلة للتعبير عن الرفض والاحتجاج، ليس فقط ضد يزيد في التاريخ، بل ضد الظلم السياسي في الحاضر. ولهذا السبب، سعت أنظمة عديدة – من المماليك إلى صدام حسين – إلى تقييد أو منع هذه الطقوس، خوفًا من تحوّلها إلى محفّز للانتفاضات.

صعود ما بعد 2003: من الطقوس إلى النفوذ

بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، أصبح الشيعة جزءًا فاعلًا في النظام السياسي الجديد في العراق. وانتعشت شعائر عاشوراء وأصبحت تُمارس علنًا في النجف وكربلاء وسائر المدن ذات الغالبية الشيعية، لكنها في الوقت نفسه أصبحت هدفًا للتفجيرات والهجمات الإرهابية، ما أضاف بُعدًا مأساويًا جديدًا للحدث.

الطقوس في الخارج.. هوية في المهجر
الطقوس في الخارج.. هوية في المهجر

الطقوس في الخارج.. هوية في المهجر

تُمارس طقوس عاشوراء أيضًا في إيران، لبنان، باكستان، البحرين، وحتى بين الجاليات الشيعية في أوروبا وأميركا الشمالية. وهذه الطقوس تُستخدم أيضًا لتعزيز الهوية الشيعية في المهجر، وربما حتى في الصراعات السياسية في بعض الدول.

البُعد العاطفي والتعبوي

يمثل مقتل الحسين لحظة مفصلية في المخيال الجمعي الشيعي، ليس فقط كرمز للتضحية، بل كقصة تُستخدم في الخطاب السياسي والاجتماعي. وعبارة “كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء” ليست مجرّد شعار، بل تعبير عن رؤية دائمة للصراع بين العدالة والظلم.

جدلية الطقوس
عاشوراء اليوم تمثل أكثر من مناسبة دينية

جدلية الطقوس والسلطة

من خلال طقوس عاشوراء، تنسج الطائفة الشيعية سردية مستمرة عن الصراع مع السلطة والحق في التمثيل السياسي. ولهذا، فإن عاشوراء ليست مجرد ذكرى دينية، بل هي رافعة اجتماعية وثقافية وسياسية لها امتداداتها في حاضر الشرق الأوسط.

خاتمة

عاشوراء اليوم تمثل أكثر من مناسبة دينية؛ إنها وعاء لهوية معقدة تتشابك فيها السياسة بالتاريخ، والعقيدة بالاحتجاج. ومن كربلاء تبدأ كل الحكايات الشيعية، وتعود إليها، في طقس لا ينتهي من البكاء والذاكرة والمقاومة.