
دونالد ترامب
في وقت يفخر فيه الأميركيون بماضيهم الديمقراطي، يكشف استطلاع جديد أجرته مؤسسة “بيو“ أن 72% منهم يرون أن بلادهم كانت في السابق نموذجًا يُحتذى به في الحكم، لكن فقط 19% يعتقدون أنها لا تزال كذلك. هذا التراجع الدراماتيكي يعكس قلقًا متزايدًا من الانزلاق نحو أنظمة سلطوية.
ترامب وتمدد السلطة: رئاسة تتخطى الخطوط الحمراء
خلال ولايته الثانية، وسّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب صلاحيات السلطة التنفيذية بشكل غير مسبوق. فقد حاولت إدارته الاستيلاء على سلطات الإنفاق من الكونغرس، وأعادت تصنيف موظفي الخدمة المدنية بما يسمح للرئيس بفصلهم بسهولة، كما استخدم الحرس الوطني لقمع احتجاجات رغم اعتراضات حكام الولايات.
حين تتحول المؤسسات إلى أدوات قمع
ما يُقلق المراقبين هو أن الأدوات التي وُجدت لحماية الديمقراطية بدأت تُستخدم لترسيخ الحكم الفردي. اعتُقل طلاب لمجرد كتابة افتتاحيات تنتقد الإدارة، وتم تجاهل قرارات القضاء علنًا، في مشهد يعكس تحوّل القلاع المؤسسية إلى مصائد تستغلها السلطة.
هل سقطت هيبة القضاء الأميركي؟
اتهمت إدارة ترامب المحاكم بالتسييس، وتأخرت في تنفيذ قرارات قضائية، ما دفع مراقبين للقول إن أحد آخر خطوط الدفاع الديمقراطي يتعرض للتهديد. السلطة القضائية، التي لطالما شكّلت ميزان قوة، تجد نفسها اليوم هدفًا لحملة تشويه.
الحزب الجمهوري: من الاعتدال إلى حضن التطرف
على مدار عقود، شكّل نظام الحزبين في أميركا حاجزًا أمام القوى المتطرفة. لكن في ظل قيادة ترامب، تبنّى الحزب الجمهوري خطابًا شعبويًا ومواقف استقطابية تهدد بتآكل قاعدة الاعتدال السياسي.
الاحتجاجات والاعتقالات: الوجه القاسي للدولة
أعادت مشاهد نشر قوات الحرس الوطني في شوارع كاليفورنيا بعد احتجاجات ضد مداهمات الهجرة في يونيو، إلى الأذهان صور القمع الأمني في دول غير ديمقراطية. تقارير حقوقية أشارت إلى حالات اعتقال دون مذكرات رسمية، وتهديد للحريات الأكاديمية والصحفية.
هل نظام الحزبين لا يزال يردع الاستبداد؟
يرى علماء السياسة أن نظام الحزبين الأميركي، الذي كان يُفترض أن يحفّز التوازن، أصبح عرضة للاختطاف من قبل قوى مناهضة للديمقراطية. وإذا فقد الخاسرون الثقة بإمكانية العودة للسلطة، فإنهم قد يرفضون التسليم بالنتائج، وهو ما يقوض أساس اللعبة الديمقراطية.
الديمقراطية الأميركية في مهبّ الخطر
تاريخ الولايات المتحدة حافل بالصمود أمام أزمات كبرى كالحرب الأهلية وفضيحة ووترغيت. لكن ما يحدث الآن يبدو مختلفًا، إذ يُستخدم القانون لتقويض الديمقراطية من الداخل، لا من خلال انقلاب عسكري، بل عبر انتخابات شرعية.
أمل بالإصلاح أم انحدار بلا رجعة؟
يرى بعض المراقبين أن هذا التراجع قد يكون فرصة لإعادة بناء النظام السياسي الأميركي بشكل أكثر عدالة ومناعة. لكن آخرين يحذّرون من أن استمرار هذا المسار سيؤدي إلى ديمقراطية اسمية بلا مضمون.
لندن – اليوم ميديا