
خلافات ترامب وماسك
تشهد وكالة ناسا الأمريكية أوقاتاً عصيبة في ظل تصاعد الخلافات بين الرئيس السابق دونالد ترامب ورائد الفضاء ورجل الأعمال إيلون ماسك، مما يهدد مستقبل استكشاف الفضاء الأمريكي وسيطرة الولايات المتحدة على المجال الفضائي.
تعتبر شركة سبيس إكس التي يملكها ماسك حجر الزاوية في نجاح برنامج الفضاء الأمريكي خلال العقد الأخير. فمن خلال تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام وأقمار ستارلينك، استطاعت سبيس إكس تقليل تكاليف إطلاق الأقمار الصناعية بشكل كبير، وأعادت إطلاق رحلات الفضاء المأهولة من الأراضي الأمريكية، بعد توقف دام سنوات طويلة واعتماد شبه كامل على الصواريخ الروسية.
لكن تصريحات ترامب الأخيرة على منصة “تروث سوشيال” هددت مستقبل ماسك، حيث وصف مشروعاته بأنها “وحش” قد يُجبر على إيقافها والعودة إلى جنوب أفريقيا. وقال ترامب إن إيلون يحصل على دعم يفوق أي شخص آخر في التاريخ، وإنه قد يضطر لإغلاق أعماله إذا ما توقفت الإعانات، مما يشكل ضربة قاسية للقطاع الفضائي الأمريكي.
ويُحذر خبراء الفضاء من أن مثل هذه التصريحات قد تؤدي إلى تراجع استكشاف الفضاء الأمريكي لعقود، وربما فقدان تفوقه لصالح الصين، التي تبني برنامجها الفضائي بسرعة متزايدة وتوسع نفوذها في المجال.
يعود هذا التهديد إلى أن برنامج مكوك الفضاء الأمريكي سابقاً، رغم إنفاقه ما يقرب من 200 مليار دولار بين 1981 و2011، فشل في تحقيق التطلعات، وتوقف عام 2011 بعد مقتل 14 رائد فضاء في حادثين مأساويين، مما أدى إلى اعتماد الولايات المتحدة على الصواريخ الروسية في نقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية.
غيرت سبيس إكس هذا المشهد مع إطلاق صاروخ فالكون 9 في 2020، حيث نقل رواد فضاء أمريكيين إلى المحطة بتكلفة أقل، ما عزز الهيمنة الأمريكية في الفضاء، لكن هذا النجاح قد يتلاشى إذا استمر النزاع بين ترامب وماسك.
يُذكر أن الدعم السياسي والتمويلي لمشاريع الفضاء الخاص بات أمراً حاسماً لاستمرار أمريكا في الصدارة، إذ تعتمد ناسا بشكل متزايد على شركات خاصة مثل سبيس إكس لخفض التكاليف وتسريع الإنجازات.
في المقابل، تستعد الصين لتوسيع نفوذها في الفضاء، مستفيدة من عدم استقرار المشهد الأمريكي، وهو ما قد يغير ميزان القوى في المستقبل القريب.