
من دمشق - أرشيفية
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا وقلقًا عميقًا، بدأت الحكومة السورية بإجراء تعديلات جوهرية على الوثائق المدنية الخاصة بالفلسطينيين المقيمين في البلاد، حيث تم استبدال صفة “فلسطيني-سوري” بعبارة “فلسطيني مقيم”، وشطب خانة المحافظة التي تُظهر الانتماء الجغرافي داخل سوريا، لصالح توصيف عام بـ”أجنبي”.
تحوّل صادم في الوثائق الرسمية
بحسب تقرير نشرته صحيفة “زمان الوصل”، المختصة بشؤون اللاجئين، فقد ظهرت هذه التعديلات في وثائق رسمية حديثة، أبرزها “إخراج القيد العائلي”، حيث أُدرجت الجنسية بـ”فلسطيني مقيم” بدلاً من “فلسطيني سوري”، وأُزيلت خانة المحافظة كليًا.
الأمر لم يتوقف عند دمشق، فقد تم رصد تغييرات مماثلة في مناطق مثل درعا وريف دمشق، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة “خطأً تقنيًا” كما زعمت بعض الجهات الحكومية، أم بداية لنهج إداري جديد لتغيير الصفة القانونية للاجئين الفلسطينيين.
ردود فعل حقوقية وشعبية غاضبة
الخطوة اعتُبرت من قبل ناشطين ومنظمات حقوقية تهديدًا مباشرًا للحقوق المدنية والقانونية التي يتمتع بها الفلسطينيون في سوريا منذ عقود. ويخشون أن يكون هذا التغيير مقدّمة لتقليص أو سحب الامتيازات التي كفلها القانون السوري رقم 260 لعام 1956، والذي يمنح الفلسطينيين حقوقًا مدنية واسعة دون معاملتهم كأجانب.
الحكومة: “خطأ تقني”.. لكن الشكوك تتزايد
في المقابل، نفت بعض المصادر الحكومية أن يكون هناك قرار رسمي بتغيير الصفة القانونية، مشيرة إلى أن ما حدث هو نتيجة “دمج السجلات” في مناطق مثل إدلب. ووعدت الجهات المعنية بتصحيح ما سمّته “خللًا تقنيًا”، إلا أن تكرار الحالات في مناطق متعددة قلّل من مصداقية هذا التبرير.
حقوق مهددة.. ووضع قانوني غامض
في حال ثبت أن التغيير ناتج عن سياسة جديدة، فإن ذلك يهدد الفلسطينيين المقيمين في سوريا بفقدان حقوق أساسية، من بينها حق التعليم والتملك والعمل، وحتى التنقل الداخلي. كما يُخشى أن يؤدي التغيير إلى حرمان اللاجئين من معاملتهم الخاصة، ودفعهم تدريجيًا نحو خانة “الأجانب”، بما لذلك من تبعات قانونية وإنسانية خطيرة.
دعوات لإعادة الأمور إلى نصابها
في ظل الصمت الرسمي حتى الآن، تزايدت المطالبات بإعادة اعتماد الصيغة القانونية القديمة وفق القانون 260، واحترام الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين في سوريا، خاصة وأن كثيرًا منهم وُلدوا في البلاد ولا يعرفون وطنًا آخر.
خاتمة: هل تُعيد دمشق تعريف “اللاجئ الفلسطيني”؟
التعديلات الأخيرة تفتح بابًا واسعًا للتأويل والتخوّف، وقد تشكّل منعطفًا حاسمًا في مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في سوريا. فهل هو مجرد خلل إداري عابر؟ أم بداية فصل جديد من التضييق والتجريد من الحقوق؟ الأيام المقبلة قد تحمل الإجابة.
لندن – اليوم ميديا