
من ليبيا (أرشيفية)
في خطوة استراتيجية لافتة، أعلنت الولايات المتحدة عن صفقة جديدة للبنية التحتية في قطاع الطاقة الليبي بقيمة 235 مليون دولار، ما يمثل دخولاً فعلياً إلى حلبة التنافس على موارد الطاقة الليبية إلى جانب القوى الأوروبية، ويؤكد دعمها لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
تحرك أميركي استراتيجي لتعزيز الغاز الليبي نحو أوروبا
جاء الإعلان عن الصفقة بعد زيارة مستشار الرئاسة الأمريكية مسعد بولس إلى طرابلس، حيث بارك الاتفاق بين شركة “هيل إنترناشيونال” الأمريكية وشركة مليتة للنفط والغاز، المشروع المشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا وشركة إيني الإيطالية. ويهدف المشروع إلى ترقية خطوط الأنابيب والموانئ والبنية اللوجستية المرتبطة بمشروع غاز غرب ليبيا، الذي يُغذي خط أنابيب “غرين ستريم” الواصل إلى إيطاليا.
وتسعى مليتة إلى رفع إنتاج الغاز إلى 750 مليون قدم مكعب يومياً، مما يعزز القدرة التصديرية لليبيا في وقت تبحث فيه أوروبا عن بدائل مستقرة للغاز الروسي.
دبيبة يقترح شراكة أميركية بقيمة 70 مليار دولار
تزامناً مع الاستثمار الأميركي، طرح عبد الحميد الدبيبة مبادرة لعقد شراكة استراتيجية شاملة بين ليبيا والولايات المتحدة بقيمة 70 مليار دولار، تشمل قطاعات الطاقة، الصحة، والبنية التحتية للنقل. ووصفت الحكومة الليبية هذا المقترح بأنه خطوة لاستقطاب المزيد من الشركات الأميركية للمساهمة في جهود إعادة الإعمار.
حفتر يرد بتحركات تركية في الشرق
وفي شرق ليبيا، لم تقف حكومة الجنرال خليفة حفتر مكتوفة الأيدي، حيث وقّع مؤخراً اتفاقيات جديدة مع شركات تركية لتحديث البنية التحتية للملاحة الجوية في ثمانية مطارات تقع تحت سيطرته، بحسب صحيفة “ليبيا أوبزرفر”. هذه الخطوة تؤكد تحالفاً متنامياً بين حفتر وأنقرة، وتوسيعاً للنفوذ التركي في مناطق الشرق، في وقت كانت أنقرة تُركز سابقاً على دعم حكومة طرابلس.
حزمة أميركية تُعزّز نفوذ طرابلس في ممر الغاز الاستراتيجي
تتوافق الاستثمارات الأميركية الجديدة بشكل كبير مع أولويات الطاقة في غرب ليبيا، وخصوصاً ممر الغاز الذي يربط حقل مليتة بأوروبا. وعلى الرغم من عدم توقيع مذكرة تفاهم طويلة الأجل تتجاوز الـ235 مليون دولار حتى الآن، كشفت مصادر دبلوماسية عن وجود مباحثات جارية لتعميق التعاون الفني في مجالات الطاقة والنقل.
رسالة واشنطن: دعم واضح لحكومة الدبيبة وتقليص نفوذ حفتر
يُظهر توقيت التدخل الأميركي أنه جزء من جهود مدروسة لدعم حكومة طرابلس وتعزيز سيطرتها على مفاصل تصدير الطاقة، لا سيما في مواجهة تمدد حفتر شرقاً. كما يعكس رغبة واشنطن في تحجيم النفوذ الروسي والتركي، وضمان دور أميركي فاعل في ممرات الطاقة نحو أوروبا.
في النهاية، يبدو أن ليبيا تدخل مرحلة جديدة من التنافس الدولي على مواردها، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات على ميزان القوى السياسي والاقتصادي في البلاد والمنطقة بأسرها.
لندن – اليوم ميديا