قطر تمدّ أنبوب الغاز إلى سوريا: صفقة القرن تمر من تحت الأرض!

افتتح مسؤولون سوريون في 2 أغسطس خط أنابيب إقليمي جديد لنقل الغاز الطبيعي إلى سوريا، في مشروع وصفته دمشق بأنه منقذ للطاقة في ظل العقوبات والحرب. الخط الجديد ينقل الغاز من أذربيجان عبر تركيا، بتمويل رئيسي من صندوق قطر للتنمية.
وقد حضر الافتتاح كل من وزير الطاقة السوري محمد البشير، ووزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، ووزير الاقتصاد الأذربيجاني ميكايل جباروف، إلى جانب ممثلين عن الجانب القطري.
تفاصيل الإمدادات: 6 ملايين متر مكعب يوميًا
قال وزير الطاقة السوري محمد البشير إن خط الأنابيب سيبدأ بنقل 3.4 ملايين متر مكعب يوميًا من الغاز الأذري، على أن يرتفع إلى 6 ملايين متر مكعب يوميًا لاحقًا. وأشار إلى أن هذا يأتي ضمن مساعدات سخية من دولة قطر لدعم الشعب السوري في تجاوز أزمة الطاقة الخانقة.
أزمة الكهرباء في سوريا: واقع مأزوم رغم الثروات
رغم امتلاك سوريا لاحتياطات من النفط والغاز، تعاني البلاد من أزمة كهرباء حادة بسبب الحرب والعقوبات الغربية. يحصل السكان على الكهرباء الحكومية لبضع ساعات فقط يوميًا، بينما يعتمد من يستطيع على مولدات خاصة أو ألواح شمسية.
الحقول الرئيسية للنفط والغاز تقع في شمال شرق سوريا، وهي مناطق تسيطر عليها القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). وتضطر الحكومة السورية إلى شراء جزء من إنتاجها من تلك المناطق، بينما يتم تهريب الباقي إلى الخارج عبر كردستان العراق.
تركيا وقطر.. من خصمين إلى شركاء في إعادة الإعمار
في تحول لافت في مواقفها، تشارك تركيا وقطر في مشاريع حيوية داخل سوريا، على الرغم من مواقفهما السابقة الداعمة للمعارضة. فقد عملت الدولتان مع الولايات المتحدة، بريطانيا، وإسرائيل لإسقاط نظام بشار الأسد، وتنصيب القائد أحمد الشرع في ديسمبر الماضي.
الوزير التركي ألب أرسلان بيرقدار صرّح بأن الغاز سيساهم في دعم خمسة ملايين أسرة سورية، وأضاف أن تركيا تصدر بالفعل الكهرباء إلى سوريا عبر عدة نقاط.
المرحلة الثانية: 800 ميغاواط كهرباء وغاز عبر الأردن
أعلن صندوق قطر للتنمية عن إطلاق المرحلة الثانية من المشروع، والتي تهدف إلى توفير 800 ميغاواط من الكهرباء لسوريا. كما كشف عن اتفاق سابق تم توقيعه في مارس مع وزارة الطاقة الأردنية، يقضي بنقل الغاز القطري إلى دمشق عبر ميناء العقبة وخط الغاز العربي.
هل يفتح الخط الجديد بابًا لإعادة رسم خريطة الطاقة في المنطقة؟
المشروع يعيد إلى الواجهة خطط الغاز الإقليمية القديمة، إذ كانت قطر تسعى قبل عام 2011 لإنشاء خط أنابيب يمر عبر سوريا وتركيا وصولًا إلى أوروبا، لكن النظام السوري وقتها فضّل مشروعًا منافسًا يربط إيران بالعراق فسوريا.
واليوم، وبعد تغير المشهد السياسي، تعود أنقرة والدوحة لإحياء مشروع الربط الغازي الكبير، وربما إدماجه مع شبكة “تاناب” التركية، بما يفتح الأبواب أمام نقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر سوريا وتركيا.
خلاصة: الغاز كأداة إعادة بناء وتحول جيوسياسي
افتتاح خط أنابيب الغاز الجديد هو أكثر من مجرد مشروع اقتصادي؛ إنه تعبير عن تحولات إقليمية جذرية، تعكس كيف يمكن للطاقة أن تتحول من سلاح سياسي إلى جسر لإعادة البناء. وبينما تسعى سوريا للخروج من نفق الحرب والعقوبات، يمثل هذا المشروع أملًا جديدًا لملايين السوريين في عودة النور والاستقرار.
لندن – اليوم ميديا