انسحاب ترامب من حربي غزة وأوكرانيا.. انقلاب أم صفقة خلف الكواليس؟

في تحوّل مفاجئ يعيد رسم ملامح الدور الأميركي في نزاعين من أكثر الملفات اشتعالًا عالميًا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تراجعه عن دعم الحرب في كل من أوكرانيا وقطاع غزة، مؤكدًا أن “هذه ليست حربي”، ومشددًا على أن احتلال غزة “شأن إسرائيلي بحت”.
هذا الانسحاب المزدوج يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى: هل نحن أمام انقلاب استراتيجي في نهج ترامب؟ أم أن هناك صفقة خفية تُطبخ في الكواليس؟ وما دلالات هذا التحول في توقيت بالغ الحساسية سياسيًا وأمنيًا، وسط تصاعد المخاطر على جبهات عدة؟
انسحاب مزدوج يعيد رسم الدور الأميركي
في تصريحات صادمة، أعلن ترامب نيته سحب الولايات المتحدة من النزاع في أوكرانيا، مشددًا على أن “هذه ليست حربي”، وأنه يعمل على إخراج واشنطن من المستنقع الأوكراني “بأسرع وقت ممكن”.
وقال في مؤتمر صحفي: “أنا هنا لأُخرجنا منها… هذه حرب بايدن”.
جاء ذلك في معرض رده على توقيع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قانونًا يسمح بتجنيد من هم فوق الستين، وهو ما وصفه ترامب بأنه “فوضى”، مؤكدًا أن ما يحدث هو نتيجة سياسات إدارة بايدن “الفاشلة”.
وأضاف ترامب أنه أوقف خمس حروب في الشهور الأخيرة، ويتمنى أن تكون أوكرانيا “الحرب السادسة” التي يُنهيها.
مبعوث خاص إلى موسكو.. والدبلوماسية أولًا
بالتوازي مع التصريحات، أكدت وزارة الخارجية الأميركية إرسال المبعوث الخاص للرئيس، ستيف ويتكوف، إلى موسكو، في مهمة عاجلة لبحث فرص التهدئة.
وعلى الرغم من تعبير ترامب عن “استيائه من روسيا”، فإنه أشار إلى إمكانية فرض عقوبات كبيرة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الجمعة، في تصعيد محسوب يفتح الباب أمام حل دبلوماسي مشروط.
غزة.. ترامب: الاحتلال قرار إسرائيلي
أما بشأن غزة، فقد اختار ترامب الانسحاب سياسيًا من الملف، قائلًا بوضوح: “احتلال القطاع قرار يعود لإسرائيل وحدها”.
وفي رده على سؤال بشأن مقترحات قادة الاحتلال حول السيطرة على غزة، قال ترامب إن تركيزه ينصبّ حاليًا على الجانب الإنساني، موضحًا أن واشنطن قدمت 60 مليون دولار مساعدات غذائية لغزة، مع وعود بتعاون من إسرائيل والدول العربية في التوزيع.
وأضاف: “ما عدا ذلك، القرار يعود لإسرائيل”.
انقسام داخل إسرائيل.. وتخوف من احتلال كامل
في هذه الأثناء، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جلسة أمنية مع وزير الدفاع وكبار قادة الجيش، لمناقشة خيار احتلال غزة.
ورغم الاستعداد العسكري، إلا أن قادة الجيش حذروا من تهديد حياة الأسرى إذا توسع الهجوم، مع معارضة داخلية لفكرة الاحتلال الكامل، والميل إلى خيار “مداهمات مركزة” تتيح تقسيماً تدريجيًا للقطاع.
صفقة كبرى أم تكتيك انتخابي؟
قرار ترامب المزدوج بالانسحاب من حربين يشكل تحولًا استراتيجيًا قد يكون مدفوعًا بـ:
- ضغوط داخلية لإنهاء النزاعات الخارجية.
- حسابات انتخابية تضمن له تأييد الناخب الأميركي المُنهك من الحروب.
- أو ربما صفقة غير معلنة مع قوى إقليمية ودولية، تعيد ترتيب أوراق الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.
خلاصة
انسحاب ترامب من حربي غزة وأوكرانيا لا يمكن قراءته كقرار عابر، بل هو مؤشر لتحول عميق في الدور الأميركي على الساحة الدولية.
السؤال الآن: هل نحن أمام استراتيجية عزلة محسوبة، أم صفقة تعيد صياغة التوازنات الجيوسياسية في زمن مضطرب؟
لندن – اليوم ميديا