واشنطن وحزب الله: معركة السلاح التي تهز سيادة لبنان

في جلسة لمجلس الوزراء اللبناني بتاريخ 5 أغسطس في السراي الكبير، استغرقت النقاشات أكثر من خمس ساعات حول اقتراح أمريكي مثير للانقسام لنزع ما وصفته واشنطن بـ”الأسلحة غير القانونية”، في إشارة مباشرة لحزب الله وفصائل المقاومة المتحالفة معه.
الوثيقة، التي قدمها المبعوث الأمريكي توم باراك، أثارت ردود فعل متباينة، حيث دعا الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى “المشاركة الإيجابية” مع المطالب الدولية، معتبرًا أنها قد تعيد الثقة الأجنبية وتطلق الدعم الاقتصادي للبنان.
موقف نواف سلام ورفض مبادرة نبيه بري
قدم رئيس الوزراء نواف سلام الوثيقة الأمريكية التي رفضت صراحة مبادرة رئيس البرلمان وزعيم حركة أمل نبيه بري، معتبرة أنها “ليست أكثر من وسيلة لتضييق الفجوات”، ودعت بدلاً من ذلك إلى خطة نزع سلاح ثابتة ومحددة زمنياً.
الاقتراح الأمريكي طالب الجيش اللبناني بالبدء في نزع سلاح الجهات غير الحكومية بحلول أواخر أغسطس، وإنهاء العملية خلال 90 يومًا، بدعم لوجستي من الولايات المتحدة وفرنسا ودول عربية.
اعتراضات حادة من حزب الله وحركة أمل
شهدت جلسات الحكومة، التي استؤنفت في 7 أغسطس، رفضًا قاطعًا من حزب الله وحركة أمل. وأكد وزير العمل محمد حيدر أنه “لا يمكن الحديث عن أسلحة المقاومة” قبل انسحاب إسرائيل وعودة الأسرى وإعادة الإعمار، محذرًا من ترك الشعب بلا حماية.
تصعيد أمني وتحركات إسرائيلية
تزامن النقاش مع إعلان الجيش الإسرائيلي استهداف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان، ما اعتبره مراقبون ضغطًا مباشرًا لدفع الحكومة نحو تنفيذ خطة نزع السلاح. في المقابل، نشر الجيش اللبناني قواته في مناطق التوتر تحسبًا لأي تصعيد.
المقترح الأمريكي المعدل: 3 نقاط مثيرة للجدل
كشفت مصادر مقربة من بري أن الحكومة تسلمت نسخة ثالثة من الاقتراح الأمريكي، تركز على:
- الوضع الأمني مع إسرائيل.
- الحدود اللبنانية-السورية.
- الجدول الزمني لنزع السلاح.
المصادر اعتبرت التعديل الأخير “تحولًا من سيء إلى أسوأ”، محذرة من تهديده للمصالح السيادية والاقتصادية للبنان.
حزب الله: لن ننزع سلاحنا ولن نقبل الإملاءات
أصدرت كتلة “الوفاء للمقاومة” بيانًا حاد اللهجة، متهمة الحكومة بالاستسلام لـ”الإملاءات الخارجية” ومنح إسرائيل ما لم تحققه في الحرب. الحزب شدد على أن أي مساس بسلاح المقاومة هو “هدية مجانية” للعدو.
رسائل مزدوجة من بري وإنكار رسمي
أثار تقرير إعلامي جدلاً حول تصريحات منسوبة لبري تدعو إلى “الواقعية”، لكن مكتبه نفى الأمر واعتبره افتراءً. محللون رأوا في النفي “رسالة ناعمة” قد تعكس استعدادًا لحلول وسط خلف الكواليس.
انقسام وزاري حاد بين السيادة والخضوع
وزراء كـراكان ناصر الدين وحنين سيد رفضوا الإملاءات الأمريكية، بينما أيد آخرون مثل عادل نصار ضرورة إنهاء السلاح خارج الدولة. وزيرة البيئة تمارا الزين اقترحت حوارًا وطنيًا شاملًا لوضع استراتيجية دفاعية جامعة.
خاتمة مشحونة: انسحابات واتهامات
انتهت الجلسة بتكليف الجيش خطة نزع السلاح بحلول نهاية أغسطس وتنفيذها قبل نهاية العام. القرار فجّر انسحابات وزارية واتهامات للحكومة بتبني الأجندة الأمريكية، فيما وصف حزب الله الخطوة بأنها “مشروع أجنبي” يستهدف قوة الردع اللبنانية.
تحليل ختامي
لبنان يقف على حافة مفترق طرق خطير: إما الانخراط في تسوية داخلية تحفظ السيادة، أو الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة قد تتجاوز الحدود السياسية إلى الشارع. الضغط الخارجي مستمر، والانقسام الداخلي يتعمق، ما يجعل المرحلة المقبلة اختبارًا حاسمًا لمستقبل التوازن بين الدولة والمقاومة.
لندن – اليوم ميديا