الفن المصري يطرد من موسم الرياض.. انقلاب سعودي صادم

منذ انطلاقه عام 2019، تحوّل موسم الرياض إلى أيقونة ترفيهية عربية تجمع كبار الفنانين والمبدعين من مختلف الدول، وعلى رأسهم نجوم مصر الذين شكلوا أحد أعمدة نجاحه في سنواته الأولى. لكن إعلان استبعاد الفنانين المصريين من نسخة 2025 شكّل صدمة ثقافية وإعلامية، وفتح باب التأويلات على مصراعيه حول الأسباب والخلفيات.
القرار، الذي جاء على لسان تركي آل الشيخ مدعومًا بتصريحات إعلاميين وفنانين، لم يكن مجرد إجراء تنظيمي أو تعديل في قائمة المشاركين، بل يعكس تحوّلًا أعمق في خريطة القوة الناعمة السعودية، ورغبة واضحة في إعادة تشكيل المشهد الفني الخليجي بعيدًا عن الهيمنة التاريخية للفن المصري. في ظل هذه التطورات، تتداخل الأبعاد الفنية بالسياسية والاقتصادية، لتصنع مشهدًا جديدًا يعيد طرح سؤال محوري: هل نحن أمام إعادة توزيع أدوار في صناعة الترفيه العربي، أم بداية قطيعة فنية طويلة الأمد؟
قرار استراتيجي أم رد فعل حاد؟
كشف الإعلامي عمرو أديب في 6 أغسطس 2025 أن خلفية القرار تعود لرغبة سعودية في الاستقلال الفني وتقليل الاعتماد على المشاركة المصرية، بعد ما وصفه بـ”الأقذر أنواع الهجوم” الذي طال موسم الرياض إداريًا وفنيًا، وخلط بين النشاط الفني والسياسي. وأشار إلى أن مشاركة الفن المصري لم تتجاوز 10% من الفعاليات، ما جعل استمرارها بلا جدوى من وجهة نظر المنظمين.
دبلوماسية ثقافية متوازنة
الفنان محمد هنيدي علّق على القرار بروح ودية، مؤكدًا أن “الود دائمًا موصول” وأنه يحترم قرارات الدول، رغم أن القرار يعني تقليص التعاون بعد سنوات من الإنتاج المشترك والنجاحات المتبادلة. هذه الروح التصالحية من الجانب المصري الرسمي تعكس إدراكًا لحساسية المرحلة، مقابل رغبة سعودية واضحة في بناء قاعدة فنية محلية وخليجية تتناسب مع ذوق الجمهور السعودي الشاب.
سعودة الفن ودعم المواهب المحلية
تؤكد تصريحات من داخل الوسط الفني السعودي أن الخطوة تأتي ضمن خطة أوسع لـ”سعودة الفن“، عبر استثمار المواهب المحلية التي برزت في السنوات الأخيرة، وتوفير الفرص لهم لتصدر المشهد دون الاعتماد على الأسماء المصرية أو العربية التقليدية. هذا التوجه ينسجم مع رؤية السعودية لبناء صناعة ترفيهية إقليمية يقودها فنانون سعوديون.
تباين المواقف بين القاهرة والرياض
في مصر، اعتبر كثيرون القرار بمثابة “جزاء سنمار” للفن المصري الذي أسهم في نجاح المواسم الأولى للرياض. النقاد المصريون وصفوه بخسارة ثقافية واقتصادية، بينما رأى بعض النقاد السعوديين أن الخطوة تمثل فرصة تاريخية لتعزيز الهوية الفنية المحلية وتحرير المشهد من الهيمنة المصرية المستمرة لعقود.
الأبعاد السياسية وراء القرار
تصريحات عمرو أديب حملت إيحاءً بوجود “جهة” وراء حملات الهجوم على موسم الرياض، ما يلمّح إلى أن القرار لم يكن فنيًا بحتًا، بل ارتبط أيضًا بأبعاد سياسية تتعلق بضبط العلاقة بين الترفيه المصري والمشهد السعودي، وتقليل التأثير الخارجي على السياسة الثقافية للمملكة.
التأثيرات الفورية والمستقبلية
على المدى القصير، يمثل القرار ضربة اقتصادية للفنانين المصريين الذين اعتمدوا على موسم الرياض كمصدر دخل أساسي، وضربة رمزية لصورة الفن المصري في المنطقة. في المقابل، قد يدفع هذا التوجه صناع الترفيه المصريين إلى تطوير محتوى محلي قادر على استعادة بريقه وجذب الجمهور العربي مجددًا.
أما على المدى البعيد، فقد يعيد القرار رسم خريطة النجومية العربية، مع صعود أسماء خليجية ولبنانية وسورية، وتراجع الاعتماد على الحضور المصري في الفعاليات الكبرى.
ملخص النقاط الرئيسية
النقطة | التفسير |
التحول الفني | الاعتماد على مواهب سعودية وخليجية، وتقليل مشاركة الفن المصري |
الهجوم على الموسم | حملات متكررة أدت إلى نفاد صبر المنظمين |
احترام الدولة | فنانين مثل هنيدي أكدوا احترامهم للقرار رغم أثره السلبي |
المردود الفني | مشاركة مصرية محدودة لم تبرر استمرار التعاون |
السيادة الفنية | جزء من خطة “سعودة الفن” وتنمية القدرات المحلية |
الانعكاسات | خسائر اقتصادية وثقافية للفنانين المصريين، مقابل فرص سعودية للنمو |
الخلاصة
إن قرار استبعاد الفنانين المصريين من موسم الرياض 2025 هو مزيج من رؤية استراتيجية لإعادة تشكيل المشهد الفني، ورغبة في حماية الهوية الثقافية السعودية، مع أبعاد سياسية واقتصادية متشابكة. ما يحدث اليوم قد يكون بداية فصل جديد في تاريخ الترفيه العربي، حيث تتوزع مراكز القوة وتعيد تعريف معايير النجومية في المنطقة.
لندن – اليوم ميديا