الملك بيبي.. هل يقود إسرائيل نحو الانهيار؟

في مقال له بصحيفة تايمز أوف إسرائيل، وصف الكاتب دافيد هوروفيتس رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ”الملك بيبي”، مشيراً إلى أن تراكم السلطة لديه يقود إسرائيل نحو خطر داخلي حاد قد يهدد أسس الديمقراطية في البلاد.
تراكم السلطة وتجاوز القضاء
بعد عودته إلى السلطة، يتمتع نتنياهو بسلطة استثنائية كرئيس ائتلاف يميني متجانس، ويهدف إلى توسيع نفوذه عبر تحييد المحكمة العليا، التي تمثل الدفاع الوحيد ضد تجاوزاته. يشير هوروفيتس إلى أن تركيز السلطة في يده دون توازن قد يقود إسرائيل إلى مسار محفوف بالمخاطر، إذ تصبح قرارات الدولة مرتبطة بمصالحه الشخصية، مع إحاطة نفسه بشبكة من الموالين له.
وقد حذر الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، من أن الثورة القضائية المخطط لها تهدد بقاء النظام الديمقراطي، قائلاً إن غياب الحوار والضوابط الداخلية قد يقود إلى “برميل بارود على وشك الانفجار”.
خطة الإصلاح القضائي: المرحلة الأولى
يركز وزير العدل ياريف ليفين، الذي يعتبر حليف نتنياهو المخلص، على خطة إصلاح قضائي من أربع نقاط تهدف إلى تقليل استقلالية المحكمة العليا. هذه المرحلة الأولى تشكل خطوة أساسية لضمان عدم وجود سلطة قضائية مستقلة، بينما تتضمن الخطط المستقبلية تقسيم منصب النائب العام، ما يتيح إعادة النظر في التهم الموجهة ضد رئيس الوزراء وفقاً لمصالحه السياسية.
وتشكل هذه التغييرات، وفق هوروفيتس، تهديداً مباشرًا للديمقراطية الإسرائيلية، لأنها تمنح الأغلبية السياسية سلطات واسعة لتقييد الرقابة القضائية وضمان سيطرة نتنياهو على الحكومة.
تحالفات قوية وخداع سياسي
يتحالف نتنياهو مع أحزاب الحريديم واليمين المتطرف لتعزيز أجندته، مستفيداً من مصالحهم الخاصة مع القضاء، بما في ذلك الإعفاءات العسكرية والتمكين من الاستيطان. ورغم التناقضات في المواقف بين أعضاء الائتلاف، إلا أنهم يعملون على تمرير سياسات تقوض الرقابة القانونية والديمقراطية.
ويشير المقال إلى أن هذه التحالفات تتضمن شركاء أصغر سناً وأكثر حيوية وخداعاً، مثل أريه درعي وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين يسعون للحصول على تأثير سياسي أكبر رغم دعمهم الظاهر لنتنياهو.
نتنياهو: بين العلمانية والسلطة المطلقة
على الرغم من ميله للسلطة المطلقة، فإن نتنياهو يظل يهودياً علمانياً، لا يسعى إلى فرض الشريعة على المجتمع بأكمله، ويحترم قيمة محكمة عليا مستقلة لحماية الحقوق وحصن ضد التدخل الخارجي في السياسات الداخلية، بما في ذلك حقوق الفلسطينيين والمجتمع الدولي.
ويقدر نتنياهو قطاع التكنولوجيا الفائقة (“الهايتك”) لأهميته الاقتصادية والأمنية، ويدرك أن الاستقرار الداخلي ضروري للحفاظ على علاقات إسرائيل الدولية، خصوصاً مع الولايات المتحدة.
مخاطر الانقسام الداخلي
يشير هوروفيتس إلى أن إسرائيل تواجه خطر الانقسام الداخلي نتيجة سياسات نتنياهو، حيث قد يؤدي تجاهل المحكمة العليا وتقييد الرقابة إلى أزمة دستورية تهدد استقرار الدولة. كما أن استمرار دعم الأحزاب المتطرفة في الائتلاف يقوي أجندات قد تؤدي إلى تمييز ضد العرب والمجتمع الميم وإضعاف الحقوق المدنية الأساسية.
ويحذر المقال من أن تجاهل هذه المخاطر سيؤدي إلى هجرة الأدمغة واحتقان شعبي واسع، مع تزايد الاحتجاجات من الأكاديميين والاقتصاديين والعاملين في قطاع التكنولوجيا.
ما ينبغي فعله
يؤكد هوروفيتس أن المسؤولية تقع على عاتق المواطنين الإسرائيليين، وأولئك الذين صوتوا ضد الأحزاب المتطرفة، للعمل على حماية المحكمة العليا والديمقراطية. ويشدد على ضرورة تدخل اليهود في الشتات وحلفاء إسرائيل الدوليين، لاستخدام نفوذهم للضغط على الحكومة وحماية القيم الديمقراطية، بما يشمل حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
كما يشير الكاتب إلى أن عدم اتخاذ إجراءات فاعلة قد يؤدي إلى تكرار انهيارات الدولة التاريخية، كما حدث في عهد دولتين يهوديتين سابقتين قبل ثمانين عاماً، محذراً من السماح لنتنياهو بفرض “الملكية السياسية” على الدولة.
الخلاصة
يختم المقال بالتأكيد على أن تراكم السلطة في يد نتنياهو، والتحالف مع أحزاب يمينية متطرفة، وخططه لتقييد استقلال القضاء، يشكل تهديداً حقيقياً لديمقراطية إسرائيل واستقرارها الداخلي. ويعتبر الكاتب أن التحرك الشعبي والضغط الدولي هما السبيلان الوحيدان للحفاظ على القيم الأساسية والمبادئ الديمقراطية، ومنع تحول إسرائيل إلى “مملكة بيبي” كما يسميها بعض المراقبين.
لندن – اليوم ميديا