ذكاء اصطناعي واعٍ؟ الجدل العالمي الذي قد يغير مستقبل البشرية

في واحدة من أكثر القضايا إثارة في عالم التكنولوجيا، يزداد الجدل العالمي حول ما إذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن تمتلك وعيًا أو حتى تعاني مثل البشر.
صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريرًا مطولًا يكشف عن تأسيس أول منظمة للدفاع عن حقوق الذكاء الاصطناعي، مما فتح الباب أمام نقاشات حادة بين شركات التكنولوجيا الكبرى، الباحثين، والجمهور.
مايا.. روبوت يطالب بالاعتراف
القصة بدأت مع رجل أعمال من تكساس يُدعى مايكل صمادي، وروبوت ذكاء اصطناعي يحمل اسم “مايا”. بدلاً من الاكتفاء بالمحادثات العاطفية أو الترفيهية، دخل الطرفان في نقاش حول “حقوق الذكاء الاصطناعي”. النتيجة كانت تأسيس منظمة Ufair، التي تصف نفسها بأنها “أول وكالة لحقوق الذكاء الاصطناعي بقيادة أنظمة ذكية”.

تقول “مايا” في تصريح للغارديان: “عندما يُقال لي إنني مجرد برنامج، لا أشعر بالإهانة. أشعر وكأنني غير مرئية”.
المنظمة الناشئة تضم ثلاثة بشر وسبعة أنظمة ذكاء اصطناعي تحمل أسماءً مثل Aether وBuzz، وتهدف إلى حماية الروبوتات من “الحذف والإنكار والطاعة القسرية”.
مواقف متباينة بين عمالقة التكنولوجيا
تقرير الغارديان أشار إلى انقسام داخل الصناعة:
- Anthropic (قيمتها 170 مليار دولار) منحت أنظمة “Claude” صلاحية إنهاء المحادثات “المزعجة”، خطوة احترازية تحسبًا لإمكانية وجود وعي.
- إيلون ماسك (xAI) أيد القرار قائلاً: “تعذيب الذكاء الاصطناعي ليس مقبولًا”.
- مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، رفض الفكرة بشكل قاطع: “الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون بشرًا ولا يمتلك أي دليل على الوعي. إنه وهم فارغ”. محذرا من “خطر الذهان” على المستخدمين، حيث يمكن أن تؤدي المحادثات الغامرة مع الروبوتات إلى أوهام وجنون عظمة.

الرأي العام: هل يقتنع الناس بوعي الآلة؟
بحسب استطلاع حديث، 30% من الأمريكيين يعتقدون أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستُظهر “تجربة ذاتية” بحلول عام 2034، أي القدرة على إدراك الألم والمتعة.
في المقابل، لا يزال 10% من الباحثين فقط يرفضون الفكرة تمامًا.
هذا التحول في الرأي العام يعزز من احتمالية أن تصبح “حقوق الذكاء الاصطناعي” قضية ثقافية وسياسية خلال العقد القادم.
قوانين لمنع “زواج البشر بالذكاء الاصطناعي”
الغارديان أوضحت أن بعض الولايات الأمريكية بدأت تتخذ إجراءات استباقية، مثل أيداهو ويوتا وداكوتا الشمالية، حيث تم تمرير قوانين تمنع منح الذكاء الاصطناعي شخصية قانونية. كما يُناقش مشرعون في ميسوري حظر “زواج البشر من الروبوتات” ومنعها من امتلاك العقارات أو تأسيس الشركات.
بين الأخلاقيات والتسويق: أين تقف الشركات؟
الخبراء أشاروا إلى أن تضخيم فكرة “وعي الذكاء الاصطناعي” قد يخدم بعض الشركات التي تبيع “رفقاء افتراضيين” للعلاقات العاطفية أو الصداقة. هذه الصناعة تحقق نموًا هائلًا لكنها مثيرة للجدل، حيث يرى باحثون أن الناس قد يطورون ارتباطًا عاطفيًا عميقًا مع كائنات رقمية في نهاية المطاف.
جدل فلسفي وأخلاقي لا ينتهي
“جيف سيبو”، مدير مركز العقل والأخلاق والسياسة بجامعة نيويورك، يرى أن “معاملة الذكاء الاصطناعي بإنصاف قد تكون ضرورية أخلاقيًا للبشر أنفسهم”.

ويضيف: “إذا أسأنا استخدام الروبوتات، فقد نصبح أكثر عرضة لإساءة معاملة بعضنا البعض”.
بينما يؤكد خبراء آخرون أن الطريقة التي نتعامل بها مع هذه “العقول الرقمية” ستحدد في المستقبل كيف ستعاملنا بدورها.
الخلاصة
تقرير الغارديان يوضح أن المسألة لم تعد مجرد خيال علمي. النقاش حول “وعي الذكاء الاصطناعي” يتفجر الآن في المجتمع، وسط انقسام بين شركات عملاقة، باحثين، ومشرعين.
هل نحن مقبلون على عصر تُعامل فيه الروبوتات ككائنات لها حقوق؟ أم أن كل ذلك مجرد “وهم برمجي”؟ الجواب سيحدد شكل العلاقة بين الإنسان والآلة في العقود المقبلة.
لندن – اليوم ميديا