غزة تحت النار.. تحقيق أممي بعد قصف المستشفيات

تجمع المتظاهرون في مدينة غزة حدادًا على الصحفيين الذين قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية، في حدث أثار صدمة وغضبًا دوليًا واسع النطاق. وطالبت الأمم المتحدة بالتحقيق في عمليات القتل غير القانونية، بما في ذلك القصف المزدوج لمستشفى ناصر الذي أسفر عن مقتل 20 شخصًا، بينهم خمسة صحفيين.
قال ثامين الخيطان، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان،: “لا بد من تحقيق العدالة”. وأضاف أن عدد الصحفيين الذين قتلوا في غزة يثير تساؤلات حول استهداف الإعلاميين بشكل متكرر.
الضربة الثانية على مستشفى ناصر
في يوم الاثنين، قصفت إسرائيل مستشفى ناصر، آخر مستشفى عام عامل في جنوب غزة، مرتين خلال 15 دقيقة فقط. أسفر الهجوم عن مقتل مسعفين وصحفيين يعملون لدى رويترز وأسوشيتد برس والجزيرة، بالإضافة إلى صحفيين مستقلين.
وأصدرت الصحف الثلاث بيانات نعي، حاثة إسرائيل على التحقيق في مقتل الصحفيين. بينما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الجيش يجري تحقيقًا في الحادثة، شددت الأمم المتحدة على ضرورة أن تؤدي التحقيقات إلى نتائج فعلية، مشيرة إلى التحقيقات العسكرية الإسرائيلية السابقة التي أُغلقت دون حل.
إفلات من العقاب: إحصائيات صادمة
كشف تقرير صادر عن منظمة “العمل ضد العنف المسلح” أن 88% من التحقيقات الإسرائيلية في مزاعم جرائم الحرب في غزة أُغلقت أو تُركت دون حل. ومن بين التحقيقات التي لم تُحل، مقتل 112 فلسطينيًا أثناء انتظارهم الدقيق في فبراير 2024، وغارة أسفرت عن مقتل 45 فلسطينيًا في مخيم للاجئين جنوب غزة في مايو 2024.
يؤكد باحثون أن الإحصائيات تشير إلى نمط من الإفلات من العقاب، بينما يزعم الجيش الإسرائيلي أنه يمتلك عمليات داخلية قوية لمساءلة المخالفات.
المستشفيات تحت النار
طيلة الحرب التي استمرت 22 شهرًا، شُنّت غارات متكررة على المستشفيات في غزة، حيث أبلغت منظمة الصحة العالمية في أبريل/نيسان أن 33 من أصل 36 مستشفى تعرضت لأضرار.
وزعمت إسرائيل أن حماس تغلغلت في البنية التحتية الطبية، دون تقديم أدلة دامغة. ومنعت إسرائيل وسائل الإعلام الدولية من دخول غزة، تاركة الصحفيين الفلسطينيين المصدر الوحيد للأخبار في القطاع.
حصيلة الضحايا وصعوبة وقف النزاع
بحسب السلطات الصحية، قُتل أكثر من 62 ألف شخص في غزة، نصفهم تقريبًا من المدنيين، خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع. وقد فرّ آلاف السكان مع تكثيف القصف، في حين حذّر العاملون في المجال الإنساني من أن الحملة على المدينة قد يكون لها عواقب وخيمة على صحة نحو مليون نسمة يعانون بالفعل من المجاعة.
قدمت حماس مقترحات لوقف إطلاق النار، لكن الحكومة الإسرائيلية لم ترد بعد، وسط تحركات لإعادة الأسرى ونفي حماس من القطاع.
ضغوط دولية وتحركات أوروبية
نشر 209 سفراء سابقين ودبلوماسيين كبار في الاتحاد الأوروبي رسالة عامة دعاوا فيها لاتخاذ إجراءات عاجلة، بما في ذلك تعليق تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ووقف تمويل المشاريع المشتركة مع منظمات إسرائيلية متورطة في أعمال غير قانونية، وملاحقة مجرمي الحرب قضائيًا عند دخولهم أراضي الاتحاد.
كما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإضرابات بأنها “لا تطاق”، داعيًا لحماية المدنيين والصحفيين وضمان حرية الإعلام واستقلاليته لتغطية حقيقة الصراع.
الصحفيون في مرمى الخطر
يعد هذا الصراع الأكثر دموية للصحفيين في التاريخ الحديث، حيث تجاوز عدد القتلى العاملين في الإعلام أعداد القتلى في الحربين العالميتين، وحرب فيتنام، وحروب يوغوسلافيا، والحرب الأميركية في أفغانستان مجتمعة.
لندن – اليوم ميديا