روسيا تمطر كييف بـ629 هجوماً وتضرب قلب أوروبا

شهدت العاصمة الأوكرانية كييف واحدة من أعنف الليالي منذ بداية الحرب الروسية، حيث شنت موسكو ثاني أكبر هجوم جوي على البلاد، موقعًا 19 قتيلًا بينهم أربعة أطفال، ومخلفًا دمارًا طال مباني سكنية ومؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي والمجلس الثقافي البريطاني.

هجوم روسي غير مسبوق

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن الكرملين أطلق خلال ساعات الليل 629 سلاحًا جويًا هجوميًا، بينها 598 طائرة مسيّرة و31 صاروخًا. وصف المتحدث باسم القوات الجوية، يوري إهنات، العملية بأنها “واحدة من أكبر الهجمات المشتركة” على أوكرانيا منذ فبراير 2022.

من جانبه، أكد تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية لكييف، أن بين الضحايا أطفالًا تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عامًا، فيما لا يزال عشرات الأشخاص في عداد المفقودين تحت أنقاض المباني.

استهداف بعثات أوروبية وبريطانية

الهجوم لم يقتصر على المدنيين فقط؛ إذ تضرر مبنى تابع لبعثة الاتحاد الأوروبي في كييف، إضافة إلى مقر المجلس الثقافي البريطاني. هذه الضربات دفعت الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى استدعاء السفراء الروس، بينما وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، القصف بأنه “إرهاب أعمى” يستهدف المدنيين وحتى المؤسسات الدبلوماسية.

أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فاتهم بوتين بـ”قتل الأطفال وتخريب فرص السلام”، فيما أعلن وزير الخارجية ديفيد لامي استدعاء السفير الروسي في لندن.

زيلينسكي يرد: “قتل متعمد”

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصف الهجوم بأنه “قتل مروع ومتعمد للمدنيين”، معتبرًا أن روسيا ترد على دعوات المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار بالمزيد من القصف. وأضاف: “روسيا تختار الصواريخ بدلًا من المفاوضات، وتختار القتل بدلًا من السلام”.

زيلينسكي طالب برد عالمي موحد، داعيًا إلى إدانة استهداف المؤسسات الدبلوماسية، وهو ما وصفه وزير الخارجية الأوكراني بـ”انتهاك مباشر لاتفاقية فيينا”.

ردود فعل دولية

الهجوم أثار موجة استنكار واسعة؛ إذ استدعت إسبانيا أيضًا القائم بالأعمال الروسي، فيما عبر المبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا عن أن “هذه الهجمات تهدد فرص السلام” التي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيقها عبر مفاوضات غير مباشرة مع الكرملين.

مشاهد من المأساة

التقارير الميدانية أظهرت حجم الكارثة الإنسانية. أكثر من 500 رجل إنقاذ و1000 شرطي انتشروا في مواقع متعددة، بينما قضى آلاف السكان الليل في محطات المترو خوفًا من الانفجارات. صور الأقمار الصناعية أظهرت تدمير مبانٍ سكنية شاهقة، روضة أطفال، وعشرات السيارات.

في مشهد مؤلم، قال أحد سكان كييف، فيتالي بروتسيوك، إن زوجته ما زالت مفقودة تحت الأنقاض بعد أن انهار سقف المبنى الذي كانا يقطنان فيه: “عندما خرجت، لم أجد شيئًا… اختفت الطوابق من الرابع إلى الأول”.

رسائل سياسية متشابكة

الهجوم الروسي جاء بعد أسبوعين فقط من لقاء مباشر بين بوتين وترامب لمناقشة سبل إنهاء الحرب، لكنه عكس مدى تعقيد المشهد. في المقابل، عقد مسؤولون أوكرانيون محادثات مع السعودية والولايات المتحدة لتعزيز الجهود الدبلوماسية.

ومن المقرر أن يسافر بوتين الأسبوع المقبل إلى الصين لحضور عرض عسكري ضخم، يحضره أيضًا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وقادة أوروبيون مقربون من موسكو، في رسالة واضحة بأن الكرملين يسعى لتعزيز تحالفاته رغم الضغوط الغربية.

يوم حداد في كييف

سلطات كييف أعلنت يوم الجمعة يوم حداد رسمي، مع تنكيس الأعلام وإلغاء الفعاليات العامة. في الوقت نفسه، تتزايد المخاوف من أن موسكو تمهد لموجة جديدة من الهجمات الموسعة مع دخول الحرب عامها الرابع.

خلاصة

القصف الأخير يثبت أن الحرب في أوكرانيا أبعد ما تكون عن نهايتها، وأن روسيا تستخدم قوتها العسكرية ليس فقط لإضعاف كييف، بل أيضًا لإرسال رسائل مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي وحلفائه. وبينما تواصل كييف البحث عن دعم دولي أكبر، يبدو أن الصراع يدخل مرحلة أكثر خطورة، حيث تختلط فيها الصواريخ بالسياسة والدبلوماسية بالدماء.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى