تحركات نووية تثير التوتر: لماذا فَعّلت أوروبا “آلية الزناد” ضد إيران الآن؟

أعلنت فرنسا وألمانيا وبريطانيا تفعيل آلية “الزناد” التي تسمح لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وذلك بسبب “عدم وفائها بالتزاماتها على صعيد برنامجها النووي”. وتأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوتر الدولي حول برنامج طهران النووي، وسط تحركات دبلوماسية معقدة تشمل واشنطن وموسكو وبكين.
وفقاً لوثائق اطلعت عليها وكالة فرانس برس، أرسلت الدول الثلاث رسالة إلى مجلس الأمن، أكدت فيها أن إيران “لا تحترم التزاماتها” بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، مما يتيح تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات بعد مرور ثلاثين يوماً، تشمل سلسلة من العقوبات التي تم تعليقها قبل نحو عشر سنوات.
ردود الفعل الأوروبية
أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن تفعيل آلية الزناد لا يعني نهاية الجهود الدبلوماسية، وأضاف عبر موقع إكس: “نحن عازمون على استغلال فترة الثلاثين يوماً المتاحة للحوار مع إيران، ونظل ملتزمين بالدبلوماسية لضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي أبداً.”
في المقابل، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول: “نتوقع الآن من إيران تعاوناً كاملاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والالتزام بالمفاوضات المباشرة معنا.”
الموقف الإيراني
من جانبه، وصف مسؤول إيراني كبير خطوة برلين وباريس ولندن بأنها “غير قانونية ومؤسفة”، مؤكداً أن طهران تدرس خياراتها بما في ذلك الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. وأضاف المسؤول: “هذه الخطوة مضادة للدبلوماسية، وليست فرصة لها… ومع ذلك، ستواصل إيران الجهود الدبلوماسية مع الترويكا، لكنها لن تتنازل تحت الضغط.”
موسكو وبكين تحاولان التهدئة
وفقاً لدبلوماسيين، من المتوقع أن يجتمع مجلس الأمن الدولي الجمعة لمناقشة قرار تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات على إيران. وأوضح مصدر دبلوماسي أن روسيا والصين وضعا اللمسات الأخيرة على مشروع قرار يمدد الاتفاق النووي لعام 2015 لمدة ستة أشهر، ويحث جميع الأطراف على استئناف المفاوضات فوراً، في محاولة لتهدئة التوتر بين الأطراف الأوروبية وإيران.
واشنطن ترحب وتؤكد الانفتاح على الحوار
رحبت الولايات المتحدة بقرار الدول الأوروبية الثلاث، وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن بلاده منفتحة على محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال في بيان: “نحن نؤيد الإجراء الأوروبي الذي كان يدعو إليه الرئيس ترامب، لكن في الوقت نفسه، تبقى الولايات المتحدة منفتحة على تواصل مباشر مع إيران، من أجل السعي إلى حل سلمي دائم للمسألة النووية الإيرانية.”
خلفية حول “آلية الزناد”
تُعرف آلية الزناد بأنها إجراء يسمح للدول الأطراف في الاتفاق النووي، عند اعتقادها بأن إيران لم تفِ بالتزاماتها، بإعادة فرض العقوبات الأممية المعلقة منذ عام 2010. وتستغرق عملية تفعيل هذه الآلية فترة ثلاثين يوماً تمنح الأطراف فرصة للعودة إلى الحوار قبل إعادة فرض العقوبات، لكنها تعتبر خطوة تصعيدية بارزة في مواجهة طهران.
ما الذي ينتظر إيران؟
تضع هذه الخطوة الأوروبية إيران أمام خيارين متناقضين: إما التعاون الكامل مع الوكالة الدولية والمفاوضات الدبلوماسية، أو مواجهة إعادة فرض العقوبات الأممية، بما قد يدفعها للتفكير في الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما يهدد بإشعال مواجهة دولية أوسع.
كما يعكس هذا التحرك الأوروبي تنسيقاً استراتيجياً مع الولايات المتحدة، التي تسعى لتحقيق حل سلمي دائم للمسألة النووية الإيرانية، في مقابل محاولة موسكو وبكين تخفيف التوتر من خلال تمديد الاتفاق النووي لفترة محدودة، وإبقاء الباب مفتوحاً أمام المفاوضات.
الخلاصة
تفعيل آلية الزناد يعيد القضية النووية الإيرانية إلى صدارة الاهتمام الدولي، ويضع المنطقة أمام مرحلة حساسة من التوتر الدبلوماسي والسياسي. تبقى الخيارات الإيرانية والدبلوماسية الأوروبية والأمريكية محوراً حاسماً في تحديد مسار التطورات القادمة، مع احتمال تأثير كبير على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
لندن – اليوم ميديا