شيناواترا تُقال بعد فضيحة مكالمة مع زعيم كمبودي

أصدرت المحكمة الدستورية في تايلاند يوم الجمعة قراراً بعزل رئيسة الوزراء الموقوفة بايتونجتارن شيناواترا من منصبها، بعد تأكيد أن مكالمتها الهاتفية المثيرة للجدل مع الزعيم الكمبودي السابق هون سين انتهكت قواعد الأخلاق. القرار جاء بأغلبية ستة أصوات مقابل ثلاثة، ما أدى إلى إنهاء فترة ولايتها التي لم تتجاوز عاماً واحداً منذ توليها المنصب في أغسطس 2024، لتصبح أصغر رئيسة وزراء في تاريخ البلاد.
في المكالمة المسربة، التي جرت في 15 يونيو خلال تصاعد التوترات على الحدود مع كمبوديا، أطلقت شيناواترا على هون سين لقب “عمه”، وبدت وكأنها تنتقد الجيش التايلاندي على طريقة التعامل مع الاشتباكات الحدودية التي أسفرت عن وفاة جندي كمبودي. وأضافت: “إذا كان يريد أي شيء، فقط أخبرني، وسأتولى الأمر”، وهي تصريحات اعتبرتها المحكمة خرقاً واضحاً للمعايير الأخلاقية الرسمية.
ردود الفعل والجدل الوطني
أثارت المكالمة المسربة حفيظة الرأي العام الوطني، خصوصاً مع ارتفاع النزعة القومية في تايلاند بسبب النزاع الحدودي. واتهمت المعارضة شيناواترا بالمساس بالمصالح الوطنية للبلاد، بينما دافعت هي عن نفسها مؤكدة أن تصريحاتها كانت جزءاً من أسلوب تفاوضي لتخفيف التوترات.
وفي مؤتمر صحفي بعد صدور الحكم، قالت شيناواترا: “هذه مرة أخرى يخلق فيها القرار القضائي تغييراً مفاجئاً في المشهد السياسي. أنا كتايلاندية أحب وطني وديني وملكي. شكراً لكل من منحني المعرفة والخبرة.”
عائلة شيناواترا وسجل الإطاحة بالسلطة
بايتونجتارن هي أحدث فرد من عائلة شيناواترا التي هيمنت على السياسة التايلاندية لأكثر من عشرين عاماً. عمتها ينغلوك شيناواترا أُزيلت من منصبها قبل انقلاب 2014، ووالدها تاكسين شيناواترا قضى أكثر من 15 عاماً في المنفى بعد اتهامات بالفساد. كما شغل عمها سومشاي وونغساوات المنصب لفترة قصيرة في 2008 قبل عزله قضائياً.

هذه الإطاحة تعكس مرة أخرى التحديات التي تواجه أحزاب الشيناواترا في الاحتفاظ بالسلطة رغم الفوز بالانتخابات، وسط تدخل المؤسسة القضائية والمجموعات العسكرية والملكية القوية.
تداعيات المكالمة المسربة على الحكومة والسياسة
أدت المكالمة الهاتفية المسربة إلى استقالة زعيم حزب بومجايتاي، أنوتين تشارنفيراكول، من منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، وانسحاب حزبه من الائتلاف الحاكم.
بعد إقالة شيناواترا، سيُعفى جميع أعضاء حكومتها، على أن يتولى الوزراء الحاليون مهامهم مؤقتاً إلى حين انتخاب رئيس وزراء جديد وإعادة تشكيل الحكومة. حزب “Pheu Thai” ملزم الآن بترشيح مرشح جديد للمنصب عبر البرلمان المؤلف من 500 مقعد، مع خيار محتمل يتمثل في وزير العدل السابق تشايكاسيم نيتيسيري، رغم عدم وضوح مدى حصوله على دعم كافٍ من شركاء الائتلاف.
في حال فشل الحزب في تقديم مرشح، قد تُجرى انتخابات جديدة، ما يضع الحزب في موقف سياسي أضعف بكثير.
الخلفية السياسية والتاريخ القضائي في تايلاند
لطالما لعبت المحاكم التايلاندية دوراً محورياً في إطاحة الحكومات وحل الأحزاب السياسية. على مدار العقدين الماضيين، شهدت تايلاند إزالة عشرات النواب وحل أحزاب وفوز أحزاب أخرى بالانتخابات ثم عجزها عن البقاء في السلطة.
في السنوات الثلاث الأخيرة وحدها، أُطيح برئيسي وزراء وحُل حزب فائز بالانتخابات. قبل ذلك، حكم قائد الجيش السابق برايوت تشان أوتشا البلاد لتسع سنوات بعد انقلاب 2014، ما يعكس هشاشة النظام السياسي أمام التدخل القضائي والمؤسساتي.
مستقبل الحكومة والاقتصاد
الإطاحة بشيناواترا تعيد المشهد السياسي التايلاندي إلى حالة من عدم الاستقرار، وسط تباطؤ اقتصادي وتأخر في تنفيذ السياسات الحكومية. كما أثرت المكالمة المسربة على شعبية الحزب، مما يزيد التحديات أمام الحزب الحاكم في إدارة شؤون البلاد وتحقيق الاستقرار السياسي.
المؤسسة التايلاندية ما تزال تفضل حزب شيناواترا كحاجز ضد المعارضة الرئيسية حزب الشعب، الذي يُنظر إليه كقوة إصلاحية تهدد توازن المؤسسات التقليدية في البلاد.
لندن – اليوم ميديا