سايكس بيكو انتهت؟.. إسرائيل تتحرك بلا حدود نحو لبنان وسوريا

كشف المبعوث الأمريكي توم باراك، أن إسرائيل لم تعد معنية بالالتزام بحدود الشرق الأوسط التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى، مؤكداً أن تل أبيب تمتلك “القدرة والرغبة” للتحرك عسكرياً داخل لبنان وسوريا إذا رأت ذلك ضرورياً.

جاءت تصريحات باراك في مقابلة وُصفت بـ”المذهلة والصريحة” مع الصحفي الأسترالي من أصول لبنانية ماريو نوفل، الذي نشر مقاطع من الحوار عبر الإنترنت في وقت متأخر من مساء الخميس. ويُعرف نوفل باستضافته لشخصيات سياسية بارزة في حوارات مباشرة تثير تفاعلاً واسعاً.

إسرائيل وغياب الالتزام بحدود سايكس بيكو

قال باراك: “ما يحدث في غزة يرعب العالم العربي بأكمله. في ذهن إسرائيل، هذه الحدود التي رسمتها سايكس بيكو لا معنى لها. الإسرائيليون يعتقدون أنهم سيذهبون حيث يريدون، ويفعلون ما يشاؤون لحماية أمنهم وحدودهم”، في إشارة إلى استعداد إسرائيل لتجاوز الخطوط التي رسمتها الاتفاقية التاريخية.

وتُعد اتفاقية سايكس بيكو (1916) اتفاقاً سرياً بين بريطانيا وفرنسا قسّم أراضي الإمبراطورية العثمانية في بلاد الشام والعراق، وأسّس لقيام الدول الحديثة مثل لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، قبل أن تحتل الحركة الصهيونية فلسطين لاحقاً وتُعلن قيام دولة إسرائيل.

لبنان وحزب الله في قلب المشهد

وأكد باراك أن الجيش اللبناني غير قادر على نزع سلاح حزب الله، مشيراً إلى أن محاولاته للوساطة تتركز على صفقة محتملة يسلم بموجبها الحزب أسلحته الثقيلة للجيش مقابل انسحاب إسرائيلي من الجنوب وتدفّق أموال إعادة إعمار من دول الخليج.

وأوضح أن إسرائيل لا تسعى رسمياً لاحتلال لبنان أو سوريا، لكنها “ستتحرك ضد أي خصوم يشكلون تهديداً مباشراً”. وأضاف: “بالتأكيد لدى إسرائيل القدرة على السيطرة على لبنان وسوريا إن أرادت، لكن فكرة أنها تبحث عن الهيمنة المطلقة أو موازنة الجميع للحصول على نفوذ أكبر، فكرة غير واقعية”.

سوريا واتفاقيات إبراهام

وحول احتمال انضمام سوريا إلى اتفاقيات إبراهام للتطبيع مع إسرائيل، قال باراك إن الرئيس السوري أحمد الشرع “لن يوقع هذه الاتفاقيات، فهو يستند إلى دعم واسع من الأصوليين السنة، ما يجعل أي خطوة نحو التطبيع مستحيلة”.

مصر وإسرائيل.. علاقة فاترة

تطرق باراك أيضاً إلى العلاقات المصرية الإسرائيلية، مؤكداً أنها تمر بمرحلة توتر شديد: “لم تعد القاهرة وتل أبيب تتحدثان أو تتعاونان كما في السابق”، في إشارة إلى فتور غير مسبوق في العلاقات الثنائية.

نداء باراك إلى نتنياهو

وخلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، قال باراك إنه وجّه نداءً شخصياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصفته “رجلاً يحمل دماً لبنانياً” حيث تعود جذور عائلته إلى لبنان.

وأضاف: “طلبت من نتنياهو أن يمنح لبنان استراحة، وأن يتعامل بقدر من التسامح. لا يمكن لإسرائيل أن تبدو وحشية طوال الوقت، وتتحرك كما تشاء في أي مكان وزمان، فهذا سيؤدي إلى نتائج عكسية”. وأكد أن نتنياهو أبدى موافقته المبدئية على الفكرة، لكنه لم يكشف عن تفاصيل إضافية.

السياق الإقليمي

تأتي تصريحات باراك في ظل مشهد معقد عقب هجمات 7 أكتوبر 2023 التي قادتها حركة حماس على جنوب إسرائيل، وما تبعها من حرب موسعة مع حزب الله في لبنان. ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، وُقعت اتفاقية هشّة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، استغلتها تل أبيب لتكثيف قصفها على الأراضي اللبنانية دون رد مماثل من الحزب.

وبرغم انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء واسعة في جنوب لبنان مطلع هذا العام، إلا أنها لا تزال تحتل خمس قمم استراتيجية في المنطقة.

من هو توم باراك؟

يُذكر أن توم باراك، رجل الأعمال والملياردير المعروف، يشغل منصب سفير الولايات المتحدة في تركيا، كما عُيّن مبعوثاً خاصاً للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى شرق البحر المتوسط والقوقاز. ويُعتبر من أبرز الوجوه الأمريكية ذات الصلة الوثيقة بملف الشرق الأوسط، فضلاً عن أصوله اللبنانية التي يحرص على إظهارها في خطاباته.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى