هل تفتح أنقرة باب تحالف عسكري ثلاثي مع دمشق والقاهرة ضد إسرائيل؟

في ظل التحولات المتسارعة في الشرق الأوسط، تبرز تركيا كفاعل محوري يسعى لتوسيع نفوذه العسكري والدبلوماسي من خلال نسج علاقات دفاعية مع كل من سوريا ومصر. هذه التحركات تطرح سؤالًا استراتيجيًا مهمًا: هل تعمل أنقرة على بناء محور أمني ثلاثي قادر على موازنة القوة العسكرية الإسرائيلية وإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة؟

التعاون التركي السوري: إعادة بناء الجيش وتعزيز الاستقرار

بدأت أنقرة، بموجب اتفاقية تعاون دفاعي موقعة مع الحكومة السورية الجديدة، في تقديم التدريب العسكري والاستشارات والدعم الفني للقوات المسلحة السورية.

الاتفاق الذي وُقع في أغسطس 2025 يشمل أيضًا تزويد الجيش السوري بأسلحة وأدوات لوجستية، في إطار سعي دمشق لإعادة هيكلة مؤسساتها العسكرية بعد الإطاحة بالنظام السابق.

يأتي هذا التعاون بالتوازي مع جهود الحكومة السورية لتطهير المناطق من فلول تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، ودمج القوى المحلية، بما في ذلك الوحدات الكردية، ضمن الجيش الوطني الجديد.

الشراكة التركية المصرية: برنامج «كان» وتوازن القوة الجوية

بالتزامن مع انفتاحها على دمشق، تعزز تركيا شراكتها الدفاعية مع القاهرة عبر برنامج المقاتلة «كان»، الطائرة الحربية من الجيل الخامس التي تطورها أنقرة.

انضمام مصر المتوقع إلى البرنامج يوفر لها فرصة لتحديث أسطولها الجوي، ويمنح الصناعات الدفاعية التركية دفعة جديدة، ما قد يؤدي إلى خلق قاعدة تكنولوجية مشتركة تعيد ترتيب ميزان القوة الجوية في المنطقة الذي ظل يميل لصالح إسرائيل على مدى عقود.

نحو محور أمني ثلاثي: تركيا وسوريا ومصر

الجمع بين التعاون العسكري مع سوريا والشراكة الدفاعية مع مصر يفتح الباب أمام إمكانية تشكل محور أمني ثلاثي (تركيا–سوريا–مصر).
هذا المحور المحتمل يمكن أن يخدم أهدافًا استراتيجية مشتركة:

  • ردع الضربات الإسرائيلية التي أثارت استياء أنقرة ودمشق والدوحة مؤخرًا.
  • مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل داعش، ومنع عودة الفوضى.
  • تقليل الاعتماد على القوى الغربية في قضايا الأمن والدفاع، وتعزيز الاعتماد على الذات.

التحديات أمام التحالف المحتمل

رغم جاذبية فكرة المحور الثلاثي، يواجه المشروع تحديات كبيرة، من أبرزها:

  • تباين الأولويات بين تركيا وسوريا ومصر في ملفات الطاقة والنفوذ الإقليمي.
  • الضغوط الأميركية والأوروبية التي قد تعتبر التحالف تهديدًا لمصالحها أو لتوازناتها مع إسرائيل.
  • حاجة سوريا المستمرة لإعادة بناء بنيتها الداخلية واستعادة السيطرة الكاملة على أراضيها قبل الانخراط في تحالفات واسعة النطاق.

إسرائيل ومعادلة القوة الجديدة

إسرائيل، التي لطالما تمتعت بتفوق جوي ودعم استراتيجي من الولايات المتحدة، قد ترى في تقارب تركيا مع سوريا ومصر تحديًا جديدًا لنفوذها.
غير أن هذا السيناريو قد يدفع تل أبيب أيضًا إلى مراجعة سياساتها الإقليمية، وربما البحث عن قنوات اتصال جديدة مع أنقرة والقاهرة، لتجنب تصعيد قد يعقّد المشهد الأمني في المنطقة.

ملامح مرحلة إقليمية جديدة

في بيئة إقليمية شديدة السيولة، تتحرك تركيا لإعادة صياغة معادلات الأمن في الشرق الأوسط، من خلال توطيد علاقاتها الدفاعية مع سوريا ومصر.
سواء انتهى الأمر إلى تحالف عسكري رسمي أو تعاون مرحلي في ملفات محددة، فإن أنقرة تبدو مصممة على أن تكون مركز ثقل إقليمي، مستفيدة من مزيج قوتها العسكرية وقدراتها الدبلوماسية لمواجهة تحديات تمتد من الإرهاب إلى التوترات مع إسرائيل.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى