إيران والسعودية تبحثان التعاون الدفاعي: تحول استراتيجي أم مناورة سياسية؟

أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، أن اجتماعه مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان تطرق إلى ملفات دفاعية مهمة، وجرى الاتفاق على أن يُنفّذ التعاون عبر مجموعات عمل متخصصة. مصادر مطلعة وصفت المحادثات بأنها متقدمة، وإن لم تصل بعد إلى اتفاق نهائي. الإعلان يثير تساؤلات كبرى: هل نحن أمام تحول استراتيجي يعيد رسم موازين القوى في المنطقة؟
دوافع التقارب
يرى مراقبون غربيون أن هذا التقارب يأتي في ظل تحولات جيوسياسية كبرى بعد النزاعات الأخيرة في المنطقة. فالسعودية تحتاج إلى الاستقرار كشرط لإنجاح رؤية 2030 وجذب الاستثمارات، بينما تبحث إيران عن تخفيف عزلتها الدولية بعد سنوات من العقوبات.
يقول الخبير كريستيان ألكسندر، كبير المحللين في مراكز أبحاث، إن أي تعاون دفاعي بين الرياض وطهران قد يقلّص “تصورات التهديد” التي تبنتها بعض دول الخليج تجاه إيران، مما قد يحد من الحروب بالوكالة. لكنه يضيف أن “تغيير السياسات لن يكون سريعًا، نظرًا لتراكم الخلافات في ملفات اليمن وسوريا”.
ديناميكيات جديدة للصراع
- إدارة أمنية مشتركة: التنسيق الدفاعي يفتح الباب لتبادل المعلومات الاستخبارية وتقليص نشاط الميليشيات والوكلاء.
- خفض التصعيد العسكري: وفق معهد الدراسات الإيرانية (رصد)، فإن السياسة السعودية باتت أكثر مرونة وواقعية، وقادرة على التجاوب مع التحديات دون انزلاق لمواجهة مفتوحة.
- تأثير دولي: الإدارة الأميركية وأطراف دولية أخرى تراقب بحذر؛ نجاح الرياض في التحول نحو التعاون قد يفرض مراجعة للسياسات الغربية تجاه إيران ودورها في الإقليم.
عقبات في طريق التنسيق
رغم البدايات الواعدة، إلا أن هناك عقبات واضحة:
- غياب الثقة: سنوات من المواجهة خلقت حذرًا متبادلاً يصعب تجاوزه سريعًا.
- تباين الأولويات: إيران تسعى لتخفيف العقوبات وتعزيز نفوذها، فيما تركّز السعودية على الاستقرار الاقتصادي والأمني.
- ردود فعل إقليمية: إسرائيل ودول أخرى قد تعتبر التعاون تهديدًا لتوازن القوى، وربما تتحرك لإفشاله دبلوماسيًا أو أمنيًا.
قراءة تحليلية: هل هو تحول مستدام؟
هذه الخطوة قد تمثل نقطة تحول فارقة. ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن تقارب، لكنها الأوضح من حيث النوايا والتوقيت. إذا تحولت الاجتماعات إلى خطوات عملية مثل إنشاء مجموعات دفاعية أو توقيع اتفاقيات أمنية، فقد نشهد إعادة صياغة لمعادلة الأمن الإقليمي، حيث يصبح التعاون لا المواجهة هو الخيار الاستراتيجي.
لكن نجاح ذلك مشروط بوجود إطار قانوني واضح، وضمانات دولية، وإشراك قوى كبرى لضمان الشفافية وعدم استغلال التعاون على حساب أطراف أخرى.
مرحلة جديدة
يقف الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة. بين خصمين تاريخيين مثل السعودية وإيران، يظهر الآن خطاب يقوم على التنسيق بدل التنافس. ورغم أن الطريق محفوف بالعقبات، فإن مجرد بحث التعاون الدفاعي بينهما قد يكون بداية لمرحلة أكثر استقرارًا في الإقليم، إذا ما أُحسن استثماره سياسيًا وأمنيًا.
لندن – اليوم ميديا