الهجوم على قطر: هل تهدد إسرائيل العلاقات الخليجية – الأميركية؟

في 9 سبتمبر، شنت إسرائيل هجومًا جويًا على قطر، الحليف الخليجي الرئيس خارج حلف الناتو للولايات المتحدة، مبررة ذلك بمحاولة اغتيال قادة حركة حماس. المفارقة تكمن في أن تل أبيب نفسها كانت قد طلبت من الدوحة استضافة هؤلاء القادة لضمان نفوذ واشنطن غير المباشر وفتح قنوات حوار مع الحركة.
يعتبر هذا الهجوم رسالة قوية لكل المنطقة وللنظام الدولي، مؤكدًا أن إسرائيل مستعدة لاستخدام القوة العسكرية حتى ضد الدول التي لا تعارضها مباشرة. ورغم الجدل حول ما إذا كانت واشنطن على علم مسبق بالضربة أم لا، فإن العملية تحمل دلالة واضحة على رفض حكومة نتنياهو لعمليات السلام التي رعتها الولايات المتحدة في المنطقة، واستبدالها بمبدأ الإكراه والاستسلام، وليس السلام.
هدف نتنياهو: تقويض التحالف الخليجي-الأمريكي؟
يرى محللون أن نتنياهو يسعى من خلال هذه الضربة إلى قطع العلاقات بين دول الخليج وواشنطن، وربما دفع بعض الدول نحو التقارب مع بكين وموسكو. في هذه الحالة، تتحول المنطقة إلى ساحة مواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها، بينما تحتفظ إسرائيل بدور الحليف الغربي المهيمن.
هذا التوجه يأتي في سياق رؤية إسرائيلية أوسع، تتضمن استخدام الضغوط العسكرية لفرض مشاريع توسعية مثل الممر التجاري الهندي الخليجي الإسرائيلي الأوروبي، وتحويل غزة إلى منتجع سياحي، والاستمرار في استغلال احتياطات الغاز الطبيعي الضخمة في المنطقة.
حماس بلا ملاذ آمن
على صعيد حماس، تبدو إسرائيل في ورطة، إذ فشلت في القضاء على الحركة داخليًا رغم حملات الضرب والتجويع. وقد يكون استهداف قادتها في الخارج وسيلة لإجبار السكان على الرحيل أو مواجهة “المحرقة الإسرائيلية”، وإرسال رسالة مفادها أن حماس “ليست لديها ملاذ آمن”.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في 10 سبتمبر: “أقول لقطر وجميع الدول التي تؤوي الإرهابيين، إما أن تطردوهم أو نقدمهم للعدالة. وإذا لم تفعلوا، فسوف نفعل نحن.”
اختراق الخطوط الحمراء
حسب مقال لمئير بن السبت وآشر فريدمان من معهد مسجاف للأمن القومي، تظهر الضربة أن إسرائيل لم تعد ملتزمة بالخطوط الحمراء التقليدية تجاه جيرانها، مستهدفة أي قادة جماعات معادية بغض النظر عن موقعهم أو دورهم السياسي.
عقوبات على الإعلام القطري
كان للهجوم الإسرائيلي بعد إعلامي أيضًا بعد، خاصة ضد قناة الجزيرة، التي لعبت دورًا بارزًا في نقل الرواية الفلسطينية عالميًا. وقد تبنت إسرائيل إجراءات قانونية وتشغيلية للحد من نفوذ القناة، بما في ذلك إغلاق مكاتبها ومصادرة معداتها، وإصدار قوانين مؤقتة تسمح بتجميد البث لفترات متجددة تحت ذريعة الأمن القومي.
البعد الداخلي للضربة
سياسيًا، خدمت الضربة نتنياهو، إذ عززت صورته أمام القاعدة اليمينية المتشددة، وقلصت فرص تقديم تنازلات في محادثات الرهائن أو وقف إطلاق النار، وحوّلت الخطاب من المساومة الدبلوماسية إلى مطالب “النصر الكامل”. أظهر استطلاع معاريف أن 75% من الإسرائيليين يؤيدون الضربة، مع وجود تأييد واسع لتوقيتها وطبيعتها.
تداعيات على واشنطن والخليج
أثار الهجوم أسئلة حساسة حول فعالية الحماية الأمريكية، خاصة مع وجود قواعد عسكرية في قطر مثل قاعدة العديد. ومع ذلك، عملت واشنطن بسرعة على احتواء الضرر، وأكدت الدوحة أن شراكتها الدفاعية مع الولايات المتحدة قوية أكثر من أي وقت مضى.
دروس وخطر التوسع الإسرائيلي
الهجوم على قطر أرسل إشارة قوية إلى أن إسرائيل قد توسع هجماتها لتشمل أي دولة في المنطقة، بما في ذلك تركيا ومصر. وقد أظهرت التهديدات الإسرائيلية السابقة ضد حماس في مناطق أخرى أن تل أبيب مستعدة لتجاوز الأعراف الدولية والتصرف بشكل أحادي في أي وقت.
لندن – اليوم ميديا