دراسة جديدة: حظر الطيران الإسرائيلي مطروح بعد غارة الدوحة

دعا مركز الحبتور للأبحاث في ورقة تقييمية حديثة إلى فرض حظر شامل على تحليق الطيران الإسرائيلي فوق الأجواء العربية، وذلك في أعقاب الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قيادات من حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة في 9 سبتمبر 2025. وأشارت الورقة إلى أن هذا الإجراء قد يُشكل «صدمة استراتيجية» لإسرائيل، تتجاوز مجرد إزعاج لوجستي لتصل إلى مستوى إحداث تغييرات جذرية في موازين القوى الإقليمية.
خلفية الدعوة: الغارة على الدوحة كمحفز
أوضحت الدراسة أن الهجوم الإسرائيلي على شخصيات قيادية من حماس في الدوحة عجّل بإعادة ترتيب واسع للمواقف الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وذكرت أن الحظر الجوي العربي المنسق سيكون خطوة نوعية، تمثل أداة غير متماثلة قريبة من الحرب الاقتصادية، تستهدف نقاط الضعف في الاقتصاد الإسرائيلي، خصوصًا في مجالات النقل الجوي والتجارة عالية القيمة وقطاع السياحة.
وأضاف التقرير أن هذه الخطوة ليست رمزية فحسب، بل قد تعيد تشكيل البيئة الأمنية والسياسية بعد أكثر من خمس سنوات على توقيع اتفاقيات إبراهام، والتي أسست لتعاون غير مسبوق بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
التأثير الاقتصادي المباشر على إسرائيل
قدرت الورقة أن فرض حظر عربي شامل على الطيران الإسرائيلي قد يؤدي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بنسبة تتراوح بين 4.8% و5.7%، ما سيُحدث ركودًا اقتصاديًا عميقًا، ويُلحق ضررًا بالغًا بالقطاعات الحيوية، بما في ذلك شركات الطيران والتجارة الدولية والسياحة الوافدة.
ووصفت الورقة هذه الخطوة بأنها «أداة قوية» قادرة على إحداث أضرار متعددة المسارات، وتغيير حسابات تل أبيب الاقتصادية والأمنية في آن واحد.
انعكاسات جيوسياسية وإعادة ترتيب التحالفات
بحسب مركز الحبتور، فإن الحظر الجوي المقترح سيكسر حالة الجمود السياسي التي استقرت بعد العام 2020، ويضع عراقيل أمام أي جهود جديدة لتوسيع دائرة التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. كما من شأنه أن يُسهم في تسريع تحول استراتيجي لدول الخليج نحو هندسة أمنية إقليمية أقل اعتمادًا على الولايات المتحدة، وأكثر تركيزًا على شراكات محلية وإقليمية.
وترى الورقة أن هذا التطور قد يفرض على واشنطن خيارات صعبة بين حليفها التقليدي إسرائيل وبين شراكاتها الاستراتيجية الحيوية مع الدول العربية، ما قد يقوّض توازن سياساتها في الشرق الأوسط.
الأبعاد الأمنية واحتمالات التصعيد
أكد البحث أن فرض حظر جوي عربي سيكون بمثابة تحرك في «المنطقة الرمادية» بين السلم والحرب المعلنة، ما يخلق أداة ردع قوية دون اللجوء إلى مواجهة عسكرية مباشرة. ومع ذلك، حذرت الورقة من أن لجوء إسرائيل إلى الطعن بالقوة قد يفتح الباب أمام صراع عسكري أوسع يشمل دول الخليج وإيران ووكلاءها، إلى جانب الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن هذه الاستراتيجية، على الرغم من مخاطرها، قد تُغيّر بصورة لا رجعة فيها ميزان القوى في المنطقة، وتعيد رسم حدود اللعبة الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
تعتبر ورقة مركز الحبتور أن الحظر الجوي المقترح ليس مجرد إجراء رمزي، بل أداة جيوسياسية ذات وزن اقتصادي واستراتيجي، يمكن أن تدفع إسرائيل لإعادة النظر في سياساتها الإقليمية. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي الحظر إلى اختبار العلاقات الأمريكية – العربية، ويضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من التنافس بين مسارات السلام والتصعيد.
لندن – اليوم ميديا