اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بفلسطين يمهّد الطريق لانضمام حلفاء إسرائيل

في خطوة رمزية جزئيًا تحمل أبعادًا سياسية عميقة، أعلنت المملكة المتحدة وكندا وأستراليا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، لتنضم إلى موجة من حلفاء إسرائيل الذين يستعدون لاتخاذ الخطوة ذاتها، وسط مخاوف من أن ترد إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية.

تأتي هذه المبادرة، التي تقودها فرنسا إلى حد كبير، ضمن مناورة دبلوماسية تهدف إلى نبذ حركة حماس ومواجهة مساعي الحكومة الإسرائيلية لطمس إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة. وتشير تقديرات إلى أن ما يصل إلى عشر دول — بينها أستراليا وكندا وبلجيكا وفرنسا والمملكة المتحدة ولوكسمبورغ والبرتغال ومالطا وربما نيوزيلندا وليختنشتاين — ستعلن اعترافها بفلسطين، لتنضم إلى 147 دولة عضو في الأمم المتحدة سبق أن اتخذت هذه الخطوة.

أعلنت أستراليا وكندا والمملكة المتحدة رسميًا اعترافها يوم الأحد، فيما سيُعلَن موقف باقي الدول خلال مؤتمر خاص للأمم المتحدة يوم الاثنين لإحياء قضية حل الدولتين المتراجع في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد بادرت بعض الحكومات، بينها لندن، بإعلان موقفها المبكر احترامًا لرأس السنة اليهودية. يرأس المؤتمر كل من فرنسا والسعودية، بينما سيحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دون مشاركة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

تعكس البيانات الصادرة عن هذه الدول، التي تراوحت بين شروط واضحة وتأكيدات سياسية، الضغوط الداخلية المتباينة وسط تحذيرات من رد فعل عنيف من إسرائيل وعائلات الرهائن، التي ترى أن الاعتراف يمثل مكافأة لحماس على هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حث المجتمع الدولي على تجاهل تهديدات إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، محذرًا من أن استمرار سياسة الاستيطان، خصوصًا في منطقة E1، قد يقضي على فرصة إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا بالقدس الشرقية.

وترتكز المبادرة الفرنسية على رؤية شاملة تشمل اعترافًا مشروطًا بإصلاح السلطة الفلسطينية، وإجراء انتخابات ديمقراطية، وإحلال سلطة منزوعة السلاح محل حماس في غزة بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

من جهة أخرى، ما تزال ألمانيا وإيطاليا ودول البلطيق تتحفظ على الاعتراف، فيما تتزايد الضغوط داخل الائتلاف الحاكم في إيطاليا رغم مخاوف من غضب الولايات المتحدة.

اتهمت إسرائيل الرئيس الفرنسي ماكرون بقيادة هذه التحركات، بعد تحذيره عبر القناة 12 الإسرائيلية من أن “نهج حكومتكم وبعض الوزراء يدمّر إمكانية حل الدولتين”، مشيرًا إلى أن بناء مستوطنات جديدة خلق “حالة طوارئ” تهدد بنسف فرص التسوية. وأكد ماكرون أن الاعتراف ليس مكافأة لحماس، بل خطوة تهدف إلى إنقاذ حل الدولتين من الانهيار الكامل.

في المقابل، قاطعت الولايات المتحدة وإسرائيل الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة، بسبب عدم ثقتهما في قدرة السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس (86 عامًا)، على أن تكون شريكًا موثوقًا للسلام. وحاولت واشنطن منع عباس من إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة عبر رفض منح تأشيرات دخول لوفد السلطة، لكن الجمعية العامة صوّتت بأغلبية 145 مقابل 5 أصوات للسماح له بالتحدث عبر رابط فيديو.

وسيتابع المراقبون خطاب عباس عن كثب لتحديد ما إذا كان سيعلن التزامه بالإصلاحات المتفق عليها مع ماكرون أم سيكتفي بإدانة ما يعتبره “إبادة جماعية” في غزة. ويُنظر على نطاق واسع إلى قرار حظر التأشيرات كخرق واضح للاتفاقيات التي تحكم امتيازات وحصانات الأمم المتحدة في الولايات المتحدة.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى