إسرائيل تتراجع عن ضم الضفة الغربية: توازن هش يهدد الاستقرار

نفى وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون سار، أن تسعى تل أبيب لضم أجزاء من الضفة الغربية التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية لا ترغب في السيطرة على الفلسطينيين.

وقال سار في مقابلة مع صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية: “لا توجد نية حتى لمناقشة ضم أراضي السلطة الفلسطينية”. وأضاف: “ما يمكن مناقشته، لكن لم يُبت فيه بعد، هو تطبيق القانون الإسرائيلي على المجتمعات الإسرائيلية الموجودة هناك وليس تحت سلطة السلطة الفلسطينية”، في إشارة إلى المستوطنات غير القانونية.

وأشار سار إلى أن الحكومة ستحدد التوقيت والمضمون، وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر تأجيل أي مناقشة حول رد فعل إسرائيل على الاعتراف الدولي بفلسطين حتى عودته من زيارة واشنطن.

ضغوط دولية واعترافات أوروبية بفلسطين

تأتي هذه التصريحات في وقت حاسم، بعد اعتراف عدة دول أوروبية بفلسطين، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا، وهو ما يمثل ضغطاً دبلوماسياً غير مسبوق على إسرائيل. وقد وصف نتنياهو هذه الاعترافات بأنها “استسلام مخجل للإرهاب الفلسطيني”، مؤكداً أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية.

في المقابل، ذكرت مصادر دبلوماسية أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تعهد بعدم السماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، وهو ما يعكس التوازن الحذر الذي تحاول إسرائيل الحفاظ عليه بين طموحاتها الاستيطانية والضغوط الدولية.

تحليل: السياسة الإسرائيلية بين الطموح والواقع الدولي

رغم نفي سار، فإن نشاط المستوطنات غير القانونية واستمرار توسعها في المناطق “أ” و”ب” والضغط على المنطقة “ج”، يوضح أن إسرائيل لا تزال تعمل على مشاريع ضم غير رسمية، تواكب خططها طويلة المدى في الضفة الغربية. مشروع “E1″، على سبيل المثال، يهدف إلى ربط القدس الشرقية بمستوطنة معاليه أدوميم، ويعكس الرغبة في خلق وقائع على الأرض تعقد أي حل مستقبلي قائم على دولتين.

من جهة أخرى، يُظهر هذا التراجع المؤقت عن الضم أن السياسة الإسرائيلية تحكمها ضغوط داخلية ودولية متشابكة، بما في ذلك الحاجة للحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بالإضافة إلى حسابات الرأي العام الداخلي، الذي لا يزال منقسماً حول توسيع الاستيطان.

تُعد تصريحات سار محاولة لتخفيف التوترات الدولية وإعادة صياغة الصورة الدبلوماسية لإسرائيل، لكنها لا تغير الواقع على الأرض، الذي يشهد استمرار الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية بشكل تدريجي، ما يثير تساؤلات حول قدرة أي إدارة إسرائيلية على تحقيق اتفاق سلام مستدام مع الفلسطينيين في المستقبل القريب.

تداعيات محتملة

  • دبلوماسياً: قد يخفف نفي سار مؤقتًا من الضغوط الأوروبية، لكنه لا يزيل القلق الدولي بشأن استمرار الاستيطان.
  • سياسياً داخلياً: يوازن نتنياهو بين الضغوط الدولية والطموحات اليمينية داخل حكومته، خاصة من مستوطنين وزعماء حزب “الصهيونية الدينية”.
  • على الأرض: الاستيطان والتوسع في المنطقة “ج” مستمران، ما يجعل أي حل سياسي مستقبلي أكثر صعوبة، ويزيد احتمال تصاعد التوترات مع الفلسطينيين.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى