متظاهرون يحتشدون في وسط مدينة الدار البيضاء بالمغرب للمطالبة بتحسين التعليم والرعاية الصحية - رويترز
في زمن انتفض فيه الشباب المغربي في شوارع الدار البيضاء وأغادير مطالبين بالكرامة والعدالة، وجّه الملك محمد السادس نداءً عاجلاً لتسريع الإصلاحات، من توفير فرص عمل للشباب إلى تنمية المناطق الريفية، في رسالة توحي بأن الكرامة الوطنية لا تنتظر.
جاء الخطاب خلال افتتاح الدورة البرلمانية الأخيرة لهذا العام، في وقتٍ تهتز فيه شوارع المملكة على وقع احتجاجات غير مسبوقة قادها شباب حركة “الجيل زد 212”، مطالبين بإصلاح التعليم والصحة ومكافحة الفساد، بحسب رويترز.
أكد الملك أن العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليست شعارات عابرة، بل “رهان مصيري يجب أن يحكم مختلف سياساتنا التنموية”.
وشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب إيقاعًا أسرع وأثرًا أعمق من الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية، داعيًا الحكومة إلى بلورة علاقة “رابح-رابح” بين المدن والقرى.
وقال الملك في خطابه من قبة البرلمان بالرباط: “ننتظر وتيرة أسرع وأثرا أقوى من الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية، وذلك في إطار علاقة رابح-رابح بين المجالات الحضرية والقروية.”
وتابع مؤكّدًا على أهمية تشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية وتوفير فرص الشغل للشباب، إلى جانب النهوض بقطاعات التعليم والصحة وتأهيل المجال الترابي.
تزامن الخطاب مع احتجاجات امتدت من أغادير إلى الدار البيضاء، عقب وفاة ثماني نساء أثناء الولادة في مستشفى حكومي، ما فجّر موجة غضب عارمة تحولت لاحقًا إلى حركة اجتماعية واسعة تطالب بالكرامة والإصلاح.
وقد أعلنت الحركة تعليق احتجاجاتها مطلع الأسبوع بعد وعود حكومية بالحوار، لكنها استأنفت نشاطها عشية خطاب العاهل المغربي، ما أعاد الأنظار إلى عمق الأزمة الاجتماعية.
بحسب بيانات الوكالة الوطنية للإحصاء، يبلغ معدل البطالة في المغرب 12.8%، فيما ترتفع بطالة الشباب إلى 35.8%، وتصل إلى 19% بين الخريجين الجامعيين.
ورغم أن معدل الفقر انخفض من 11.9% عام 2014 إلى 6.8% عام 2024، فإن المناطق الجبلية والواحات لا تزال تعيش فوق خطوط الفقر الوطنية.
ويتركز النشاط الصناعي والمالي في الشمال الغربي، بينما تعتمد مناطق الوسط والجنوب على الزراعة ومصائد الأسماك والسياحة، ما يعمّق الفوارق المجالية ويزيد هشاشة الاقتصاد المحلي.
لم يوجّه الملك حديثه مباشرة إلى المتظاهرين، لكنه بعث رسالة سياسية واضحة مفادها أن العدالة الاجتماعية لم تعد ترفًا بل ضرورة وجودية.
وقال بحزم إن الملك لا يريد تناقضًا بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، مؤكدًا أن التنمية الشاملة لا تكتمل من دون إنصاف المناطق المهمشة.
“العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليست مجرد شعار فارغ أو أولوية مرحلية… وإنما نعتبرها توجهًا استراتيجيًا ورهانًا مصيريًا.”
اصطف الآلاف على الطريق المؤدي إلى البرلمان لتحية الملك الذي ارتدى الزي المغربي التقليدي، يرافقه شقيقه الأمير مولاي رشيد ونجله ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في مشهدٍ يختزل العلاقة المعقدة بين الرمزية الملكية والسياسة التنفيذية في المغرب.
ففي نظامٍ ملكي دستوري، يحدّد الملك التوجهات الاستراتيجية الكبرى بينما تنفذها حكومة منتخبة — وهي صيغة تمنح المؤسسة الملكية دور الحكم والمرجع في لحظات الأزمات الاجتماعية.
أكد الملك في ختام خطابه على العناية الخاصة بالمناطق الأكثر هشاشة، لاسيما الجبال والواحات، داعيًا إلى مقاربة تنموية تراعي الخصوصيات المحلية وتربط بين البنية التحتية والفرص الاقتصادية المستدامة.
وقال: “إعطاء عناية خاصة للمناطق الأكثر هشاشة بما يراعي خصوصيتها وطبيعة حاجياتها وخاصة مناطق الجبال والواحات.”
في بلدٍ يمتد تاريخه بين صلابة العرش وصوت الشارع، يبدو أن الملك محمد السادس اختار أن يواجه أزمة الثقة بالإصلاح لا بالقمع، مدركًا أن التنمية اليوم ليست مجرد أرقام، بل كرامة مهدورة في الريف وشباب ينتظر فرصة حياة.
فهل ينجح هذا النداء الملكي في تحويل الغضب إلى أمل، أم أن بطء البيروقراطية سيبتلع مجددًا وعود الإصلاح كما ابتلع كثيرًا قبلها؟
لندن – اليوم ميديا
يبدو أن مستقبل قطاع غزة محصور في ثلاثة سيناريوهات محتملة، تتشكل وفق موازين القوى التي…
تعرض متحف اللوفر في باريس، أحد أشهر المتاحف في العالم، صباح الأحد لعملية سرقة جريئة،…
أعربت مجموعات الأعمال الأمريكية عن قلقها المتزايد من أن الإغلاق الحكومي المستمر يترك آثارًا سلبية…
في مشهدٍ يليق بعصرٍ تتقاطع فيه القيم مع التقنية، ارتفعت من دبي مساء الأحد كلماتٌ…
في تصعيد إلكتروني جديد ضد إسرائيل، أعلنت مجموعة القرصنة الإيرانية المعروفة باسم «حنظلة» (Hanzala Hackers)…
زيد بن كمي الصور التي بثّتها قناة «العربية» من غزة هذا الأسبوع بعد أن وضعت…