اليمن.. حرب خفية تقودها واشنطن وتل أبيب لاختراق الجبهة الداخلية

في قلب حرب الظلال التي لا تُرى، تكشف تقارير استخباراتية عن تصعيد أمريكي إسرائيلي غير مسبوق في الفضاء السيبراني ضد اليمن.

فبعد أن دخلت صنعاء خط المواجهة دعمًا لغزة عقب السابع من أكتوبر 2023، تحولت البلاد إلى هدف استخباراتي ذي أولوية، تسعى واشنطن وتل أبيب لاختراقه بكل الوسائل الممكنة.

فراغ استخباراتي وأطماع إلكترونية

قال إيال بينكو، المسؤول الدفاعي الإسرائيلي السابق، إن إسرائيل تمتلك خبرة استخباراتية عميقة تجاه إيران وحزب الله وحماس، لكنها “تكاد تجهل اليمن”. هذا النقص دفع الموساد ووحدات الاستخبارات الأمريكية إلى سد الفجوة عبر التجسس الإلكتروني، بعد أن كانت اليمن خارج خارطة أولوياتهم حتى نوفمبر 2023.

استهداف اليمنيين عبر الإنترنت

وفق شهادات يمنيين لمجلة The Cradle، تلقى مئات الصحفيين والناشطين مكالمات ورسائل مُضلِّلة، بعضها ينتحل هويات فلسطينية أو أكاديمية، لاستدراجهم إلى حوارات مكتوبة تهدف لجمع معلومات ميدانية.

وتزايدت هذه العمليات بعد تصاعد الدعم اليمني لغزة، لتصبح صنعاء هدفًا رئيسيًا في حرب استخباراتية صامتة.

تجنيد وواجهات مزيفة

تبدأ عمليات التجنيد غالبًا عبر وسطاء من يهود اليمن، يتحدثون باللهجات المحلية لإضفاء المصداقية. وتنتشر إعلانات رقمية تعرض مكافآت مالية ضخمة — تصل إلى مليون دولار — مقابل معلومات عن قيادات أو مواقع بحرية لأنصار الله.

بعض هذه الإعلانات يُدار من حسابات مرتبطة بالموساد، وأخرى تحت غطاء أمريكي رسمي مثل السفارة الأمريكية أو وزارة الخزانة، تحت شعارات “حماية الملاحة” و”أمن البحر الأحمر”.

جواسيس تحت غطاء الإنسانية

كشفت التحقيقات عن جواسيس تلقوا تدريبات في دول أوروبية، ثم عادوا إلى اليمن بغطاء منظمات إعلامية وإنسانية، ما سمح لهم بالتحرك بحرية. مهامهم شملت مراقبة المواقع العسكرية، وجمع الإحداثيات، وتنفيذ عمليات تخريب واغتيال باستخدام أدوات تشفير متقدمة.

التجسس في وضح النهار

اليمنيون الذين تلقوا عروض عمل مزيفة لاحظوا أن الأرقام المرسلة تأتي من رموز أجنبية، بعضها إسرائيلية أو أوروبية. الرسائل كانت تستشهد بأسماء محلية مألوفة، وتطلب تفاصيل دقيقة عن مواقع أمنية، كما حدث في حالة طلب معلومات عن ميدان السبعين في صنعاء، من نقاط التفتيش إلى بنية الاتصالات.

تفكيك الشبكات

بين عامي 2015 ومارس 2024، أعلنت سلطات صنعاء تفكيك أكثر من 1782 خلية تجسس واعتقال 25,665 متعاونًا.

وفي مايو 2024، تم تفكيك “الوحدة 400” — أخطر الشبكات الأمريكية الإسرائيلية — التي كانت تعمل على الساحل الغربي لتحديد أهداف استراتيجية، ما شكّل ضربة موجعة لدقة الهجمات المعادية.

وفي يناير 2025، كُشف عن شبكة أخرى مرتبطة بالاستخبارات البريطانية والسعودية، استهدفت كبح الدعم اليمني لغزة، بينما ضبطت خلية للموساد وCIA في صعدة كانت تتعقب منشآت الطائرات المسيّرة.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى