أبل في متاهة الذكاء الاصطناعي: من يبحث عن منقذ لسفينة سيري؟

في وقتٍ تتسارع فيه ثورات الذكاء الاصطناعي على نحوٍ يغيّر ملامح العالم، تبدو شركة “أبل” — عملاق الابتكار الذي طالما قاد المشهد — وكأنها تبحث الآن عن مَن يقودها من جديد.

فالشركة الأمريكية تجري، بصمتٍ يشبه العاصفة، عملية إعادة هيكلة داخلية واسعة استعدادًا لمرحلة ما بعد كبار قادتها التاريخيين، وعلى رأسهم رئيس قسم الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا الذي يترنّح منصبه بين البقاء والرحيل.

 أزمة قيادة في زمن الذكاء الاصطناعي

تبحث “أبل” حاليًا عن بديل لجولياناندريا، أحد أبرز مهندسي الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون، بعدما واجه عامًا مليئًا بالتحديات والانتقادات.
فبحسب تقرير وكالة بلومبرغ الذي اطلعت عليه اليوم ميديا، تشهد الشركة تحولات عميقة في بنيتها الإدارية، إذ انتقلت أقسام الصحة واللياقة إلى فريق الخدمات بقيادة إدّي كيو، كما أُعيدت مسؤوليات ساعات “أبل ووتش” إلى إدارة جديدة، ضمن استعدادات لمرحلة ما بعد تقاعد مدير العمليات جيف ويليامز.

 “سيري”.. المساعد الذي لم يعد مساعدًا

تأتي هذه التحولات في ظلّ تراجع أداء “أبل” في سباق الذكاء الاصطناعي أمام منافسين شرسين مثل “مايكروسوفت” و”غوغل” و”أوبن إيه آي”.
وباتت الأنظار تتجه نحو المساعد الصوتي “سيري”، الذي فشل في مجاراة التطورات الثورية التي يشهدها المجال.

وبحسب التقرير، فإن خروج عدد من كبار أعضاء فريق الذكاء الاصطناعي زاد من احتمالية رحيل جياناندريا، بعدما أصبح موقعه داخل الشركة “غامضًا وغير محدد”.

 بحث عن خليفة في زمن مضطرب

تشير تقارير بلومبرغ إلى أن “أبل” فتحت باب البحث عن مرشحين خارجيين، من بينهم أحد كبار التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي بشركة “ميتا”، ما يعكس حجم الأزمة التي يعيشها قسم الذكاء الاصطناعي في “أبل” منذ أشهر.

وتقول المصادر إن الشركة تأمل أن تعيد هذه الخطوة ضخ دماء جديدة في منظومة الذكاء الاصطناعي لديها، تمهيدًا لإعادة رسم استراتيجيتها التقنية في السنوات المقبلة.

 من غوغل إلى أبل.. ثم إلى الغموض

كان تعيين جون جياناندريا عام 2018 بمثابة “انتصار ذهبي” لشركة “أبل”، إذ جاء من غوغل بخبرة واسعة في دمج الذكاء الاصطناعي في البحث وجيميل والمساعد الرقمي.

لكن اليوم، يبدو ذلك النصر البعيد كذكرى من زمنٍ آخر، بعدما تحوّل الحلم إلى عبءٍ إداري واستراتيجي.

ويقول محللون إن استبداله – إن حدث – سيكون لحظة فارقة في تاريخ قسم الذكاء الاصطناعي داخل الشركة، وقد يفتح الباب أمام إعادة هيكلة شاملة تطال كل ما يتعلق بـ”سيري” ومنتجات أبل الذكية.

 التحليل التقني والاقتصادي:

يشير الخبراء إلى أن أزمة الذكاء الاصطناعي في “أبل” ليست مجرد مسألة تقنية، بل معركة هوية بين إرث التصميم والخصوصية، وبين عالم جديد تحكمه الخوارزميات والبيانات المفتوحة.

ففي الوقت الذي اندفعت فيه الشركات المنافسة إلى دمج النماذج اللغوية الكبرى (LLMs) في منتجاتها، لا تزال “أبل” تتحرك بحذرٍ، متشبثةً بخصوصيتها الصارمة، وهو ما جعلها تبدو وكأنها تتأخر في سباق المستقبل الذي كانت يوماً رائدته.

 خاتمة تحليلية شاعرية:

هكذا، وبين رغبة في السيطرة وخوف من الانكشاف، تقف “أبل” اليوم أمام مرآة المستقبل، تتأمل صورتها في زمنٍ صار فيه الذكاء الاصطناعي عقل الصناعة وقلبها.

وربما، كما يقول أحد المحللين، لم تعد المسألة: من سيقود قسم الذكاء الاصطناعي؟ بل: هل تستطيع أبل أن تعيد اختراع نفسها في زمنٍ تُعاد فيه كتابة القواعد كلها؟

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى