
الشيخ المحفوظ بن بيّه
فريق اليوم ميديا – (لندن)
في قلب نواكشوط، وعلى بعد آلاف الكيلومترات من بؤر التوتر، اجتمع أكثر من 3000 مشارك من إفريقيا والعالم في النسخة الخامسة من المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم، ليتدارسوا قضية باتت تتجاوز حدود الأمن إلى تهديد وجودي للمنطقة: التطرف العنيف في إفريقيا والساحل.
وبين أصوات العلماء والدعاة والمفكرين، كان صوت الشيخ المحفوظ بن بيّه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم، لافتًا، وهو يؤكد أن “الدفاع عن السلام في وجه المتطرفين بات واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا”، مُطلقًا بذلك نداءً يتجاوز الحاضرين نحو ضمير العالم الإسلامي كله.
تطرف بلا حدود.. والساحل في عين العاصفة
من مالي إلى بوركينا فاسو، ومن النيجر إلى نيجيريا، باتت منطقة الساحل الإفريقي مرادفًا لتوسع الجماعات المتشددة، كـ”داعش” و”القاعدة”، التي وجدت في هشاشة الدولة وفقر المجتمعات بيئة خصبة لتجنيد الشباب، وتصدير العنف خارج الحدود.
قد يهمك أيضا
زيارة ولي العهد لابن بيه.. حين يلتقي السند بالنبراس!
في تقرير للأمم المتحدة نهاية 2024، تم توثيق تصاعد بنسبة 70٪ في الهجمات الإرهابية في غرب إفريقيا مقارنة بالعام الذي سبقه، مع انتقال ملحوظ للجماعات المسلحة نحو مناطق ساحلية مثل توغو وبنين.
ورغم الحملات العسكرية الدولية، فإن الاستراتيجية الأمنية ظلت تعاني من قصور واضح، ما جعل أصواتًا مثل صوت الشيخ المحفوظ بن بيّه تدعو إلى “استراتيجية ناعمة” تقوم على الفكر، والتعليم، والحوار، بدلًا من الاقتصار على الحلول العسكرية.
الشيخ المحفوظ بن بيّه: السلام يبدأ من “منابر الاعتدال”
في خطابه بالمؤتمر، شدّد الشيخ المحفوظ بن بيّه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم، على أن “المعركة مع التطرف هي معركة على القيم قبل أن تكون على الحدود”، داعيًا إلى إعادة تأهيل الخطاب الديني، ومراجعة مناهج التعليم، وتفعيل دور المؤسسات الدينية الوسطية.
قد يهمك أيضا
بالفيديو | خالد بن محمد بن زايد في بيت الحكمة.. زيارة خاصة لابن بيه”
وفي تصريح خاص أدلى به لصحيفة جون أفريك (Jeune Afrique)، قال الشيخ المحفوظ بن بيّه:
“الدفاع عن السلام واجب ديني في مواجهة خطاب العنف، وقد آن الأوان لردم الهوة بين القيم الإسلامية وممارسات المتطرفين التي تشوّهها“.
وأشار إلى أن مواجهة التطرف يجب أن تنبع من الداخل، من قلوب المجتمعات، لا فقط من جيوش وحملات أمنية.
من نواكشوط إلى العالم.. هل تنتقل مبادرة السلام؟
ما يميّز مؤتمر نواكشوط هذا العام – الذي انعقد في يناير الماضي- إلى جانب الحضور الكثيف من إفريقيا، هو المشاركة النشطة لوفود من الشرق الأوسط وروسيا، ولأول مرة من الولايات المتحدة، ما يعكس البعد الدولي لأزمة الإرهاب في إفريقيا، وضرورة مقاربة جماعية لمعالجتها.
لكن النجاح الحقيقي، كما يؤكد الشيخ المحفوظ بن بيّه، ليس في عدد الحضور، بل في ترجمة التوصيات إلى مبادرات عملية على الأرض، تبدأ من المساجد والمدارس، ولا تنتهي عند التشريعات والسياسات العامة.
مواجهة التطرف تبدأ من الداخل
في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية، وانكشاف هشاشة المقاربات الأمنية الأحادية، تظهر مبادرات فكرية مثل المؤتمر الإفريقي للسلم كمحاولة جادة لإعادة التوازن إلى خطاب مقاومة التطرف. فكما أن الإرهاب لا دين له، فإن السلام أيضًا لا حدود له، ولن يكون إلا بمواجهة الأفكار بالفكر، والتكفير بالاعتدال، والعنف بالحوار.
إنها معركة وجود لا تحتمل الحياد، كما قال الشيخ المحفوظ بن بيّه:
“في مواجهة المتطرفين، الحياد خيانة.. والصمت تواطؤ“.