Site icon Todaymedia

تصريحات غزواني تفجّر زلزال إقالات: أكبر حملة ضد الفساد تهز موريتانيا

محمد ولد الشيخ الغزواني

أنهت الحكومة الموريتانية في ختام اجتماع ترأسه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مهام جميع المسؤولين الذين وردت أسماؤهم في تقرير محكمة الحسابات، وفق بيان رسمي صدر مساء الثلاثاء.

وأوضح البيان أن الرئيس الغزواني حث الوزراء على عدم التهاون وإنزال أقصى العقوبات على كل من خان الأمانة العامة مهما كان موقعه أو نفوذه. وأضاف أن الحكومة قررت إحالة الملفات التي تتضمن وقائع ذات طابع جزائي إلى النيابة العامة للتحقيق.

وأكد البيان أن الرئيس دعا الوزراء إلى “تحمل المسؤولية والسهر على فرض الشفافية واحترام القوانين، وتمكين أجهزة الرقابة من أداء دورها الكامل في مراقبة وإدارة المال العام”.

النيابة العامة تفتح التحقيق في قضايا الفساد

أعلنت النيابة العامة لدى المحكمة العليا في نواكشوط أنها تسلمت التقرير الصادر عن محكمة الحسابات، مؤكدة مباشرتها للإجراءات القانونية بحق كل من تُنسب إليه تهم اختلاس أو تبديد المال العام، في خطوة تعزز جهود الدولة لمحاربة الفساد.

ومن أبرز المقالين الشيخ ولد بده، الذي كان يتولى مندوبية التضامن الوطني ومكافحة الإقصاء (تآزر)، وهو متهم بملفات فساد تعود لفترة إدارته لشركة الكهرباء. كما تمت إقالة أمناء عامين لوزارات عدة، منهم أنوي ولد الشيخ (التعليم العالي)، والمصطفى بشير (الطاقة)، وأحمد سالم بوهده (المعادن)، إضافة إلى عدد من المديرين في الموانئ والشركات الوطنية.

الغزواني: “لن يفلت أي مفسد من المساءلة”

في خطاب قوي خلال حفل تخرج الدفعة 46 من المدرسة الوطنية للإدارة، أكد الرئيس الغزواني أن “كل موظف يثبت تورطه في الفساد ستتم مساءلته دون تردد”، مضيفاً أنه ألزم الحكومة بتطبيق توصيات الرقابة والتفتيش بدقة وصرامة.

وقال الغزواني إن الدولة “لن تتساهل مع المفسدين، وستطبّق القانون بحزم حتى تطال المساءلة كل من تورط في شبهة فساد”.

تقرير محكمة الحسابات: اختلالات جسيمة في المال العام

كشف التقرير السنوي لمحكمة الحسابات عن مخالفات خطيرة في قطاعات حيوية كالبترول والمعادن والصحة والبنية التحتية.

ففي قطاع الطاقة، رصد التقرير مخالفات تتعلق بعقود التنقيب والاستغلال النفطي، وضعف متابعة الالتزامات المالية والبيئية للشركات. أما في قطاع الصحة، فتم تسجيل إبرام صفقات مشبوهة، واقتناء تجهيزات غير مطلوبة، وتبديد موارد عامة، إلى جانب غياب قاعدة بيانات للتأمين الصحي.

وفي شركة الكهرباء الوطنية، أظهر التقرير ضعفاً كبيراً في تحصيل الديون لم يتجاوز 53% من الهدف المحدد. كما رصد اختلالات في مشاريع البنية التحتية، مثل طريق النعمة – باسكنو – فصالة، حيث صُرفت مبالغ لمشروعات لم تُنفّذ فعلياً.

الأغلبية: “الرئيس يرسل رسالة حازمة ضد الفساد”

رحّبت أحزاب الموالاة بخطوات الرئيس الغزواني، ووصفت تصريحاته بأنها “رسائل حازمة وصريحة في مسار الإصلاح الإداري وتعزيز الشفافية”.

وقالت الأحزاب في بيان إن هذه الإجراءات تمثل “تحولاً نوعياً في تفعيل أجهزة الرقابة واستقلاليتها، وإنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد، ونشر تقارير محكمة الحسابات للرأي العام، في سابقة تعكس ترسيخ نهج المساءلة والشفافية”.

المعارضة: “يجب تقديم المفسدين إلى القضاء”

من جانبه، دعا رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض محمد ولد مولود إلى تقديم جميع المفسدين للعدالة، مشدداً على ضرورة تطبيق العقوبات القانونية ضد كل من تورط في تبديد المال العام.

وأشار ولد مولود إلى أن التقرير يثبت وجود “أخطاء تسييرية جسيمة” في مؤسسات حكومية، مؤكداً أن من يغطّي على تلك الممارسات “يجب أن يُحال إلى القضاء دون استثناء”.

النيابة العامة تبدأ الإحالات

تزامناً مع هذه التطورات، وجّهت النيابة العامة في نواكشوط الغربية تهماً إلى 16 مسؤولاً بوزارة التعليم في قضية فساد تتعلق بصفقة “الطاولات المدرسية”، وأحالتهم إلى قطب التحقيق المختص بجرائم الفساد مع طلب إيداعهم السجن.

وشملت التحقيقات مسؤولين كباراً بينهم المديرة المالية ومدير الممتلكات والصيانة والمديرة العامة للتعليم، في حين أقالت الحكومة أعضاء لجنة الصفقات العمومية المتورطين.

تشكل حملة الإقالات التي أطلقها الرئيس الغزواني أكبر موجة تطهير سياسي وإداري في موريتانيا منذ عقود، وسط ترحيب من الشارع الموريتاني ودعوات لمتابعة كل الملفات حتى النهاية.

نواكشوط – المختار ولد اشبيه

Exit mobile version