Site icon Todaymedia

“أبوظبي للسلم” في فرانكفورت: كيف يعيد الحوار والتعايش صياغة الثقافة العالمية؟

من المعرض - (اليوم ميديا)

في الدورة السابعة والسبعين لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، نجح منتدى أبوظبي للسلم في تحويل جناحه إلى منصة عالمية للحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان. المشاركة، التي أقيمت خلال الفترة من 15 إلى 19 أكتوبر 2025، قدمت باقة من الدراسات والإصدارات الفكرية التي ركزت على موضوعات السلم والتعايش والضيافة الإنسانية، إلى جانب تنظيم برنامج ثقافي متكامل شمل محاضرات وندوات ولقاءات فكرية داخل المعرض وخارجه.

وأكدت الدكتورة آمنة سعيد الشحي، مدير مكتب المنتدى، أن هذه المشاركة شكلت فرصة لإثراء الفضاء الثقافي العالمي عبر جلسات حوارية وتبادل رؤى مع الباحثين والمفكرين المتخصصين في مجالات السلام والتعايش. وأضافت أن المنتدى يسعى إلى إيصال رسالة الإمارات إلى العالم كرمز للسلام والتسامح، وتعزيز دور الثقافة كجسر للتواصل الحضاري بين الشعوب.

ندوات فكرية تجمع الخبرة العربية بالأوروبية

شهد جناح المنتدى تنظيم سلسلة من الفعاليات العلمية والفكرية بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين من العالمين العربي والأوروبي.

افتتح البرنامج بندوة بعنوان “منتدى أبوظبي للسلم: عقد من بناء جسور السلام”، شارك فيها كل من البروفيسور ستيفان شراينر من جامعة توبنغن، والبروفيسور يواخيم فالنتين مدير الأكاديمية الكاثوليكية في فرانكفورت، حيث تم استعراض تطور تجربة المنتدى منذ تأسيسه ودوره في ترسيخ ثقافة السلام عبر الحوار والشراكة الدولية.

وفي يوم السبت 18 أكتوبر، نظّم المنتدى ندوة بعنوان “الحوار الحضاري ودوره في ترسيخ السلام ومكافحة الكراهية والعنف”، شارك فيها إيلونا كليمنس من جامعة فرانكفورت، وعبد الصمد اليزيدي المدير العام لمؤسسة “مواطنة”، ومحمد الكرز رئيس شبكة الكفاءات الألمانية-المغربية، وأدارتها فاطمة اليزيدي. ركزت الندوة على أهمية الحوار في تفكيك النزاعات والأحكام المسبقة، مؤكدة أن المنتدى يمثل منصة عالمية تجمع مختلف المرجعيات الفكرية والدينية.

الحوار قوة لبناء السلام

أكد خبراء المنتدى أن الحوار الحضاري يمثل أداة استراتيجية لتجنب النزاعات وإعادة بناء الثقة بين الشعوب. وأضافوا أن مشاركة الإمارات في هذا المجال تعكس دورها الريادي في نشر قيم الاعتدال والانفتاح على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد الدكتور يورغن ميكش، المدير التنفيذي لمؤسسة مناهضة العنصرية في ألمانيا، على أهمية توجيه التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، وفق أطر أخلاقية مستمدة من القيم الإنسانية والدينية. وأوضح الخبراء أن المنتدى يربط البعد الفكري بالأخلاقي في نشر السلم العالمي، من خلال جلسات نقاشية تناولت دور الأديان في تعزيز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

الإمارات كمنصة للسلام العالمي

أبرز الخبراء أن مشاركة المنتدى في معرض فرانكفورت لا تقتصر على العرض الثقافي والفكري، بل تحمل رسالة استراتيجية للعالم. من خلال التركيز على الحوار والتسامح والتعايش، يعزز المنتدى مكانة الإمارات كـ جسر ثقافي عالمي قادر على جمع مختلف الخبرات الفكرية والدينية تحت مظلة واحدة.

وأكد عبد الصمد اليزيدي أن المنتدى يشكل نموذجًا مستدامًا للتعاون بين الشرق والغرب، ويوفر منصة لتبادل الخبرات الفكرية بطريقة تخدم مستقبل السلام المستدام.

الأثر والتحليل الاستراتيجي

أكد خبراء أن مبادرات أبوظبي للسلم تمثل قوة ناعمة دبلوماسية وثقافية على مستوى العالم. بينما تتجه بعض الدول نحو النزاعات والتصعيد، تعمل الإمارات على استثمار الثقافة والمعرفة لتعزيز السلم والتعايش الإنساني.

وأشار الخبراء إلى أن مثل هذه المشاركات تعمل على بناء وعي جماهيري دولي حول أهمية الحوار الحضاري، وأن الرسائل التي تصل من جناح المنتدى يمكن أن تؤثر على سياسات التعليم والثقافة في الدول الأوروبية والعربية على حد سواء.

تجربة أبوظبي نموذج عالمي

اختتم المنتدى فعالياته بندوة علمية يوم الأحد 19 أكتوبر بعنوان “دور الأديان في تعزيز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: نحو تفعيل نداء روما”، بمشاركة خبراء عالميين من ألمانيا وسويسرا. سلطت الندوة الضوء على مسؤولية المجتمعات الدينية في توجيه التقنيات الحديثة وفق القيم الأخلاقية والإنسانية.

يبقى جناح منتدى أبوظبي للسلم نموذجًا عالميًا ناجحًا في دمج الفكر والثقافة والسياسة الناعمة، ليصبح منصة دائمة لنشر قيم السلام والتعايش بين الشعوب، ما يجعله مرجعًا لدراسة كيفية استخدام الثقافة كأداة استراتيجية للتغيير الإيجابي على المستوى الدولي.

أبوظبي – محمد فال معاوية

Exit mobile version