واشنطن تحذر تل أبيب: الرسالة وصلت عبر حليف عربي
كشفت مصادر خاصة لمجلة بوليتيكو أن مسؤولين أمريكيين كباراً أعربوا لأحد الحلفاء العرب عن قلقهم العميق من ما وصفوه بـ”خروج إسرائيل عن السيطرة“.
ويأتي هذا التحذير بعد أيام من هجوم إسرائيلي على قطاع غزة أسفر عن مقتل أكثر من 40 مدنياً، رغم تعهد تل أبيب لواشنطن بأن يكون الرد “حذراً ومحدوداً” على هجوم تزعم إسرائيل أن حركة حماس شنته ضد جنديين إسرائيليين.
البيت الأبيض يُعبّر عن امتعاضه من تصرفات نتنياهو
أثار هذا التصعيد الميداني استياء واسعاً داخل البيت الأبيض، الذي بدأ يبدي علناً امتعاضه من سلوك حكومة نتنياهو، بعد أسبوعين فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “اتفاق سلام تاريخي” لإنهاء الحرب في غزة.
وبحسب مصادر مطلعة على تفاصيل المحادثات، نقل نائب الرئيس جي. دي. فانس “رسالة حازمة” من ترامب إلى نتنياهو خلال اجتماعهم في القدس، شدد فيها على ضرورة الالتزام الصارم ببنود وقف إطلاق النار وتجنب الخطوات الأحادية مثل ضم الضفة الغربية.
الغضب الأمريكي من ضم الضفة الغربية
تصويت الكنيست لصالح ضم الضفة أثار حدة الانتقادات داخل الإدارة الأمريكية، وهو ما وصفه ترامب نفسه بأنه “مستبعد تمامًا” في المرحلة الحالية من العملية السياسية. وأكد مسؤول أمريكي رفيع أن التصريحات العلنية لكبار المسؤولين الأمريكيين “تعكس شعور الرئيس الحقيقي تجاه ما يجري في إسرائيل”.
في مقابلة حديثة، حذر ترامب من أن إسرائيل “قد تفقد الدعم الأمريكي” إذا ما أقدمت على ضم الضفة الغربية، في إشارة إلى انزعاجه من تصعيد نتنياهو، رغم الدعم الكبير الذي حظي به الأخير خلال زيارات ترامب السابقة إلى إسرائيل.
جهود التهدئة والرسائل الرسمية
في الوقت نفسه، حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، التخفيف من حدة الموقف، مؤكدة أن “خطة السلام للرئيس ناجحة”، وأن واشنطن تعمل عن قرب مع تل أبيب لتنفيذها. وأوضحت أن زيارات المسؤولين الأمريكيين للمنطقة هذا الأسبوع “تعكس التزام الإدارة بترسيخ سلام دائم في الشرق الأوسط”.
إدراكاً لغضب واشنطن، سارع نتنياهو إلى إصدار بيان يعارض تصويت الكنيست، واصفاً الخطوة بأنها “استفزاز سياسي متعمد من المعارضة”. ولاحظ مراقبون أن البيان صدر أولاً باللغة الإنجليزية، في إشارة إلى أنه كان موجهاً للرأي العام الأمريكي والغربي قبل الداخلي الإسرائيلي.
المعضلة السياسية لنتنياهو
تبقى المعضلة السياسية قائمة: نتنياهو يحتاج دعم الأحزاب اليمينية المؤيدة للضم في الانتخابات المقبلة، بينما يخشى فقدان الدعم الأمريكي الذي يُعد أساسًا لشرعيته السياسية داخليًا.
في هذا السياق، شدد فانس على أن “السلام في غزة يسير على المسار الصحيح”، واصفاً تصويت الكنيست بأنه “حيلة غبية جدًا” و”إهانة شخصية” له بعد لقائه بنتنياهو. بينما حذر وزير الخارجية ماركو روبيو من أن الخطوات الأحادية “تهدد اتفاق السلام المحتمل” وتعد “غير مجدية في الوقت الراهن”.
اختبار دبلوماسي حساس بين الحليفين
ترى واشنطن أن نتنياهو يغامر بإفشال اتفاق غزة عبر سياسات ضم الضفة الغربية والتصعيد العسكري، فيما يلوح ترامب بسحب الدعم الأمريكي إذا لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق. ويستمر نتنياهو في المناورة داخليًا بين ضغوط اليمين الانتخابية وغضب واشنطن التي تسعى لإنقاذ الهدنة عبر اتصالات وزيارات رفيعة المستوى في المنطقة.
تمر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية اليوم بأدق اختبار منذ سنوات، وسط خشية متزايدة من أن يتحول “اتفاق غزة” إلى أزمة دبلوماسية مفتوحة بين أقرب حليفين في الشرق الأوسط.
لندن. – اليوم ميديا





