
بنيامين نتنياهو
لندن – ربيع يحيى
في مجمع سري محصّن تحت الأرض، خضع وزراء الحكومة الإسرائيلية لثلاث ساعات من الترقب المشحون، بعد أن صودرت هواتفهم ووقّعوا على نماذج سرية وسط أجواء من الصمت والصلاة والعناق. لم يكن الأمر مجرّد اجتماع طارئ، بل لحظة فارقة سبقت انطلاق عملية “الأسد الصاعد” ــ الهجوم الجوي الواسع على المنشآت النووية الإيرانية.
لكن خلف هذه اللحظات المشحونة، تتكشّف تدريجيًا كواليس العملية التي روّجت لها إسرائيل كضربة “تاريخية”، فيما تشير المعلومات المسرّبة من داخل اجتماع الكابينت إلى واقع مختلف: أهداف أساسية لم تتحقق، وبرنامج نووي إيراني لا يزال صامدًا.
اجتماع غير مسبوق في السرية والتكتم
فجر الجمعة، نُقل وزراء الكابينت الإسرائيلي، إلى جانب شخصيات عسكرية وأمنية بارزة، إلى حصن تحت الأرض في القدس المحتلة، من دون حراساتهم المعتادة. تمت مصادرة هواتفهم، ووقعوا على تعهدات صارمة بعدم تسريب أي معلومة، فيما ظنّ الإعلام أن الاجتماع مخصص لملف الأسرى الإسرائيليين.
اقرأ أيضا
نيويورك تايمز: النووي الإيراني لم يتضرر رغم ضربة إسرائيل المثيرة!
لكن الحقيقة، كما كشفتها قناة “الأخبار 12” العبرية، أن الاجتماع كان الأهم في تاريخ الأمن القومي الإسرائيلي، وصدر عنه قرار بدء الهجوم على إيران عند منتصف الليل.
لحظات توتر ودموع وعناق قبل الضربة
خلال ساعات الانتظار قبل التنفيذ، سادت أجواء مشحونة بين المشاركين. عانق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قادة الجيش والوزراء، بما فيهم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، وسط صلوات صامتة ومشاعر مختلطة، إلى أن انطلقت العملية فجرًا.
ما الذي أرادت إسرائيل تحقيقه من الهجوم؟
وفق القناة العبرية، حدد اجتماع الكابينت 4 أهداف رئيسية للهجوم:
- تدمير البرنامج الصاروخي الإيراني
- القضاء على مكونات مشروع “إبادة إسرائيل” المزعوم
- خلق ظروف ملائمة لإزالة الخطر النووي الإيراني مستقبلاً
- عرقلة المساعي الإيرانية لتطوير مشروع نووي شامل
الضربة الأولى.. اغتيال علماء وغياب النتائج
بدأ الهجوم بتصفية 9 من كبار علماء الذرة الإيرانيين، ممن تتلمذوا على يد العالم محسن فخري زاده، الذي اغتيل في 2020. كما طالت العملية منشآت فوق سطح الأرض في نطنز، ومراكز للطاقة المغذية لمواقع التخصيب.
لكن، المفاجأة الكبرى، بحسب القناة 12، أن البرنامج النووي الإيراني لم يتأثر بشكل جوهري، رغم الضربة العنيفة.
لماذا لم يتضرر برنامج إيران النووي؟
تشير التقارير إلى أن المخزون الأساسي لليورانيوم المخصب، الموجود قرب أصفهان، بقي سليمًا. كما لم تُصب مراكز البحوث السرية والمستودعات النووية الأهم، خصوصًا تلك الواقعة في عمق الأرض، ومنها موقع “فوردو” الشهير.
وتلفت التقارير إلى أن إسرائيل فشلت في ضرب المواقع المحصّنة تحت الأرض، والتي تمثل العمود الفقري للبرنامج النووي الإيراني.
تصعيد مستمر.. ماذا بعد؟
تشير المعطيات إلى أن إسرائيل لم تحقق الأهداف التي خططت لها، ما يفسّر الأنباء عن تحضيرات لعمليات عسكرية إضافية. وتخشى دوائر أمنية غربية من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد إقليمي طويل الأمد، ربما يخرج عن السيطرة، في ظل ردود متوقعة من إيران وحلفائها.