حماس تعيد السيطرة على غزة بأسلوب ميليشياوي
كشف تحقيق لمجلة تايمز أوف إسرائيل أن حركة حماس أعادت فرض سيطرتها على قطاع غزة بشكل متزايد، من خلال انتشار مسلحين ملثمين وارتكاب أعمال عنف، بما في ذلك إعدامات متعددة للمدنيين.
إياد أبو رمضان، رئيس غرفة التجارة في مدينة غزة، قال إن مجموعة من الرجال المسلحين بزي مدني يقفون عند تقاطع الطرق خارج مكتبه. وأكد في مقابلة هاتفية أن “السلطة الفعلية هي حماس”، مشيرًا إلى عدم وجود قوة مسلحة أخرى في المنطقة، مما يعكس سيطرة الحركة شبه المطلقة على الشارع في غزة.
محمد، أحد سكان مخيم النصيرات، أفاد بانتشار مسلحين عند التقاطعات، مع وجود نشاطات ليلية عنيفة، تشمل إطلاق النار على المدنيين أو ضربهم بأسباب تتعلق بـ”جرائم مزعومة” مثل سرقة المساعدات أو التعاون مع إسرائيل. وأضاف أن السكان يطلعون يوميًا على ما حدث خلال الليل عبر قنوات تلغرام المحلية أو عبر الأحاديث المتداولة بين الجيران، ما يزرع الخوف ويخلق مناخًا من التوتر المستمر.
الإعدامات العلنية والتحذيرات الأمريكية
في 13 أكتوبر/تشرين الأول، تم تصوير بعض الإعدامات العلنية ونشرها على الإنترنت، مما أثار غضبًا دوليًا واسعًا. وزارة الخارجية الأمريكية حذرت من أن حماس تخطط لمزيد من الهجمات على سكان غزة، معتبرة ذلك “انتهاكًا مباشرًا وخطيرًا لاتفاق وقف إطلاق النار”.
أحد سكان غزة، محمد، أكد تعرض العديد من المدنيين للإطلاق العشوائي للرصاص أو الضرب، وقال: “الوضع مخيف. منذ بدء وقف إطلاق النار، بدأنا نشهد عمليات قتل عشوائية. هناك مسلحون سيقتلونك بتهمة التعاون المزعوم، أو لأسباب لا تعرفها حتى”.
وقد أثارت هذه الأعمال غضبًا إضافيًا من قبل الإدارة الأمريكية، حيث شدد المسؤولون على ضرورة نزوع حماس عن استخدام العنف داخل القطاع، مع التأكيد على أن استمرار هذه العمليات قد يؤدي إلى عواقب دبلوماسية وسياسية خطيرة.
تبريرات جزئية لسكان غزة
على الرغم من أعمال العنف، بعض السكان برروا جزئيًا تصرفات حماس. قال عمر، أحد سكان مدينة غزة: “تم نشر الشرطة (التابعة لحماس) لضمان عدم سرقة المساعدات. تم إعدام من تعاونوا مع الميليشيات المعادية أو ارتكبوا جرائم سرقة”.
وقال صلاح (اسم مستعار) من وسط غزة: “عناصر حماس موجودون على الأرض ومن الطبيعي أن يحكموا. معظم السكان لا يريدون حكمهم، لكنهم يملأون فراغ السلطة”. وأضاف أن “حماس تتعامل مع الأفراد الذين ارتكبوا أفعالًا سيئة بحق السكان”، مشيرًا إلى أن بعض هذه الإجراءات تستهدف حماية البنية التحتية المحلية وتأمين المساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن هذه الممارسات تشبه إلى حد كبير نشاطات الميليشيات المسلحة، إذ تفرض حماس سيطرتها بالقوة وتحتجز من يُشتبه بتعاونهم مع فصائل أخرى، في وقت لا يمكن فيه للسلطة الفلسطينية أو أي جهة دولية محلية التدخل بشكل فعال.
قصص واقعية من غزة
في ساعات الليل، تحدثت مصادر محلية عن حوادث قتل نفذها مسلحون تابعون لحماس، حيث تم إطلاق النار على أشخاص في أرجلهم أو ضربهم بالحجارة. ومن أبرز هذه الحالات، مقتل هشام الصفطاوي في منزله بمخيم النصيرات على يد مسلحين ملثمين في الساعة الخامسة صباحًا أمام أطفاله، بحسب رواية السكان المحليين.
كما أشار شقيق أحمد فؤاد الخطيب، المقيم في الولايات المتحدة، إلى أنه تم تهديد شقيقه بالسلاح وتفتيش سيارته بالكامل من قبل مسلحين ملثمين أثناء عودته إلى المنزل. وأكد أن هذه الممارسات “تشبه نشاطات الميليشيات وليست تصرفات مدنية طبيعية”، ما يعكس طبيعة الحكم القسري الذي تفرضه حماس على السكان.
تأثير وقف إطلاق النار الجزئي على السيطرة
منذ بدء وقف إطلاق النار الجزئي وانسحاب القوات الإسرائيلية جزئيًا، تزايد نشاط حماس العنيف، بما في ذلك السيطرة على المخيمات ونشر الخوف بين السكان. السكان يطلعون يوميًا على ما حدث خلال الليل عبر قنوات تلغرام المحلية أو الشائعات المتداولة.
هذا النشاط يعكس توازنًا هشًا بين فرض السيطرة وحماية الهدنة، حيث تتجنب حماس الإعلان الكامل عن نشاطاتها على المنصات الرسمية، لكنها تبقي السكان تحت سيطرة شبه مطلقة من خلال انتشار المسلحين ونشر الخوف.
السيطرة بين الفراغ الأمني والضغط الدولي
تحاول حماس استغلال الفراغ الأمني في غزة لضمان بقائها كقوة مسيطرة، بينما تواجه انتقادات دولية متزايدة، خصوصًا من الولايات المتحدة. التحركات الأخيرة للحركة أدت إلى دعوات دولية لإعادة النظر في نهجها الأمني والعسكري، مع تحذيرات من أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في القطاع.
ويظل التحدي الأكبر هو الموازنة بين فرض السيطرة الأمنية والضغوط الدولية، حيث أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى أزمة دبلوماسية مع شركاء دوليين وإمكانية تدخل دولي لفرض مراقبة أو إعادة التفاوض على وقف إطلاق النار.
لندن – اليوم ميديا




