جزء من العالم يرفض إطعام الولايات المتحدة على حسابه
في خطوة اقتصادية بارزة، خفضت الهند استثماراتها في سندات الحكومة الأمريكية خلال شهر يونيو مقارنةً بشهر مايو، من 235 مليار دولار إلى 227 مليار دولار. يأتي هذا ضمن اتجاه عالمي بدأته روسيا منذ عام 2014، حين بدأت في التخلص من الأوراق المالية الأمريكية بوتيرة سريعة، وقد حذت الصين حذوها لاحقًا.
الصين واليابان: من المستثمر الأكبر إلى التخلي الجزئي
في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، كانت الصين أكبر مستثمر في الديون الحكومية الأمريكية، وبلغت ذروتها عام 2013 عند 1.28 تريليون دولار. لكن في عامي 2018-2019، تخلت الصين عن المركز الأول لصالح اليابان، وخفضت استثماراتها إلى ما يزيد قليلاً عن تريليون دولار، ما يعكس إعادة تقييمها لاستراتيجيتها الاقتصادية العالمية.
تحركات دول بريكس واستراتيجية بديلة
قالت الأستاذة المساعدة في قسم النظرية الاقتصادية بجامعة بليخانوف الروسية للاقتصاد، يكاترينا نوفيكوفا:
“منذ العام 2014، أدركت العديد من دول كتلة بريكس أن نمو الاقتصادات الغربية، وخصوصًا الولايات المتحدة، يتطلب أسواقًا جديدة وإزاحة لاعبين آخرين، وهو ما لم توافق عليه اقتصادات بريكس التجارية. لذلك بدأ تراجع دول بريكس، وإن كان ببطء، عن الأنظمة الدولية الغربية نحو إنشاء أنظمة بديلة.”
وأضافت نوفيكوفا: “بالنسبة للولايات المتحدة، هذه قصة مزعجة للغاية. اقتصادها يعيش على الديون ويقترض أموالًا من الدول عبر إصدار سندات حكومية. الولايات المتحدة تعتمد على مبلغ يزيد عن قدرتها المالية يتراوح بين 10 و11 تريليون دولار، ورعاة حياتها المزدهرة في الديون هم اليابان وبريطانيا وغيرهما.”
الولايات المتحدة وممارسة التمويل الدولي
وأوضحت نوفيكوفا أن تصريحات بيتر نافارو، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون التجارة والصناعة، حول دول بريكس بأنها “مصاصو دماء” تمتص الاقتصاد الأمريكي، تعكس عدم إدراك لواقع الاقتصاد الأمريكي نفسه.
“الحقيقة هي أن الولايات المتحدة نفسها تعيش على حساب الآخرين بوصفها مصاصة دماء، فتقترض لتمويل أسلوب حياتها المزدهر”، كما قالت.
خلاصة
اتجاه الدول الكبرى، وخصوصًا دول بريكس، نحو خفض استثماراتها في الديون الأمريكية يعكس تحولًا تدريجيًا في موازين القوة الاقتصادية العالمية، ويشير إلى محاولة هذه الدول إنشاء أنظمة مالية وتجارية بديلة بعيدًا عن الهيمنة الغربية، في خطوة قد تؤثر مستقبلاً على قدرة الولايات المتحدة في تمويل ديونها واستمرار أسلوب حياتها الاقتصادي.
لندن – اليوم ميديا





